فناظره في قصتي ليس ناظرًا ... وحاجبه في قتلتي قد تحكّما
ومشرف صدغ ظل في الحكم جائرًا ... وعاملُ قدٍّ بات أعدى وأظلما
وعارضه لم يرث لي من شكايتي ... فنمّت دموعي حين لاح منمنما
ولم يثنني هجرانه وأخو الهوى ... دعيّ إذا يومًا شكا أو تظلَّما
ومن أخرى مدحها في المخدوم الصاحب الأعظم شمس الدين، أعز الله أنصاره:
مغرم شفّه بعادٌ وهجرُ ... وجفاهُ حبيبه والصبرُ
أمطرت خدّه دموعٌ غزارٌ ... فهو منها في لجّةٍ مستقرُ
همّهُ والغرامُ فيه فنونٌ ... ناظرٌ فاتن وريق وثغرُ
وجفونٌ كلونِ حظي سودٌ ... وخدودٌ كلونِ دمعي حمرُ
وبروحي أفدي غزالًا غريرًا ... وجهه حضره وفي فيه خمرُ
هجرهُ والوصالُ حلوٌ ومرُّ ... ولقاه والبعدُ حلوٌ ومرُّ
أسمر دون وصله أسد غيلٍ ... ومنايا بيضٌ وحمرٌ وسمرُ
ومن غزل أخرى فيه، عز نصره:
قدك من غصن النقا أنضر ... والوجه من بدر الدجى أنورُ
ولحظك الفاتن أم صارم ... وريقكَ المسكي أم مسكرُ
يا قمرًا عذبني صدّه ... أسرفتَ في الهجر فكم تهجرُ
تنام عن صبّ قضى وجده ... وما يعاني أنه يسهرُ
أنكرتَ ما يلقاه من حبه ... ومثل ما يلقاه لا ينكر
يميته الهجرُ ولكنه ... بالصاحب الأعظم يستنصرُ
ومن غزل أخرى فيه، أمد الله عمره:
يجدد أحزاني ووجدي ولوعتي ... سنا بارق من نحو أرضِ أحبتي
ديارٌ لبستُ العيش فيها منعّمًا ... أجرّرُ من فرطِ الخلاعةِ بردتي
فما البرق إلاّ حرُّ قلبي وناره ... وما الغيثُ إلاّ من سوابقِ عبرتي
وليلاتِ أنسٍ قد قضيتُ حميدةً ... فلو أن دهري ردّ ليلاتي التي
تدير عليَّ الكأسَ فاتنة الصبا ... بديعة معنى الحسن دقّت وجلّتِ
تفوق الطُّلى ريقًا ونشرًا معطرًا ... وتحكي الطّلا جيدًا وحسن تلفّتِ
ويروي قضيب البان عنها محاسنًا ... إذا خطرت في بردها وتثنّتِ
هلال إذا لاثت عليها نقابها ... وبدرٌ إذا ما أسفرت وتجلّتِ
أحنّ إليها لوعةً وصبابةً ... فيا فرحي لو قيل نحوك حنّتِ
تشابه دمعانا غداة فراقنا ... مشابهة في قصّةٍ دون قصّةِ
فوجنتها تكسو المدامع حمرةً ... ودمعيَ يكسو حمرة اللون وجنتي
البيتان الأخيران أخذتهما من القاضي الأرجاني حيث قال:
فتباكت ودمعها كسقط ال ... طلّ في الجلنارةِ الحمراءِ
وحكت كل هدبة لي قناةً ... أنهزتْ كل طعنةٍ نجلاءِ
فترى الدمعتين في حمرةِ اللو ... نِ سواءً وما هما بسواءِ
خدَّها يصبغُ الدموعَ ودمعي ... يصبغُ الخدَّ قانيًا بالدماءِ
خضبَ الدمعُ خدَّها باحمرارٍ ... كاختضابِ الزجاجِ بالصهباءِ
وهذه أبيات حسنة وأولها:
وعدتْ باستراقةٍ للقاء ... وبإهداء زورةٍ في جفاءِ
وأطالت مطلَ المحبّ إلى أن ... وجدت خلسةً من الأعداءِ
ثمَّ غارت من أن يماشيها الظ ... لّ فزارت في ليلةٍ ظلماءِ
ثمَّ خافت لما رأت أنجم الل ... يل شبيهاتِ أعينِ الرقباءِ
فاستنابت طيفًا يلمّ ومن ... يملك عينًا تهمّ بالإغفاءِ
هكذا نيلها إذا نولتنا ... وعناءُ تسمُّح البخلاءِ
يهدم الانتهاء باليأس منها ... ما بناه منها الرجاء بالابتداءِ
ومنها:
لست أنسى يوم الرحيل وقد ... غرّد حادي الركاب بالإنضاءِ
وسليمى منّت بردّ سلامي ... حين جدّ الوداع بالإيماءِ
سفرت كي تزود الصب منها ... نظرةً حين آذنت بالتنائي
وأرتْ أنها من الوجد مثلي ... ولها للفراق مثل بكائي
وقلت من أخرى في مدحه، عزّ نصره:
باتَ يجلو ليَ من ريقته ... قهوةً تعصرُ من وجنتهِ
رشأٌ بابل تروي سحرها ... عن حديث السحرِ من مقلتهِ
ظل قلبي في دياجي شعره ... واهتدى بالصبح من غرّته
أسهرتني سنةٌ في طرفه ... وحمت طرفيَ في رقدتهِ
سقم في جفنه أعرفه ... تجتنى الأسقام من صحّتهِ
رقّةٌ في خدّها ينكرها ... قلبه المسرف في قسوته
1 / 52