L'Expressivisme dans la poésie, la nouvelle et le théâtre
التعبيرية في الشعر والقصة والمسرح
Genres
ولكن لنعد الآن إلى موضوعنا الأساسي ... لنعد إلى الأدب! الحقيقة الأولى التي تواجهنا في الأدب التعبيري هي أن الشعر يؤلف الجانب الأكبر من إنتاج أصحابه ، فهو يضم عددا كبيرا من القصائد وعددا أقل من المسرحيات، وأقل القليل من النثر القصصي والروائي والنقدي. الشعر إذن وقبل كل شيء! هنا تبلغ التعبيرية ذروتها ويعبر شعراؤها بنجاح لا شك فيه عن خلجاتهم وهواجسهم وأحلامهم وأشواقهم إلى فجر الإنسانية الجديدة ...
لنضرب مثلا لهذا؛ لنتأمل قصيدة تجسد هذا الكلام، ولنفتح معا هذه المجموعة المنتخبة التي أشرت إليها وهي التي أصدرها كورت بينتوس في سنة 1920؛ أي في وقت مالت فيه شمس التعبيرية (أو قمرها!) للأفول. إن أول ما يلفتنا هو عنوانها الذي يدل على الحركة كلها وهو فجر الإنسانية، فإذا تصفحناها وجدنا الناشر يقسمها إلى أربعة أقسام، أو بالأحرى يجعل منها سيمفونية ذات أربع حركات: «سقوط وصراخ، بعث القلب، نداء وثورة، حب الإنسان». لقد رتبها إذن بحسب الموضوعات لا بحسب الشعراء، وضمنها كل ما يعتز به التعبيريون ويعكس رؤيتهم وأحلامهم: الصراخ والثورة والإلهام والحب للإنسان، ولكن ما هو أسلوب هذه الثورة الأدبية؟ بم يتميز؟ ما الجديد فيه؟
لننظر في شعر التعبيريين، ولنفتح فجر الإنسانية مرة أخرى. لن نتعب في البحث كثيرا، فيكفي أن نتأمل الصفحة الأولى من الكتاب، هذه هي قصيدة الافتتاح، قصيدة صغيرة سأترجمها لك (على الرغم من أن ترجمة الشعر مستحيلة؛ إذ كيف تستطيع الترجمة أن تنقل الصوت والإيقاع والظلال الدقيقة والإيحاء المنبعث من الكلمات؟! وماذا يبقى من القصيدة الأصلية التي تعتمد على قيم صوتية في ألفاظ بعينها عندما تتحول إلى ألفاظ أخرى في لغة أخرى؟! لنغتفر لأنفسنا إذن هذه الجناية التي تشترك فيها كل اللغات والثقافات والحضارات على مر العصور، ولنعتبر الترجمة جسرا متواضعا أقصى مناه أن ينقلك إلى شاطئ النص الأصلي أو يغريك بالوصول إليه، فإذا بلغت الشاطئ واستغنيت بالأصل عن الصورة فانس ذلك الجسر البائس المسكين!)
لننظر إذن في ترجمة القصيدة؛ على ما في الترجمة من عجز وقصور محتوم. عنوان القصيدة هو «نهاية العالم»، وصاحبها هو ياكوب فان هوديس، واحد من أولئك الشعراء العديدين الذين كتبوا الشعر في شبابهم ثم انقطعوا عنه بعد ذلك كل الانقطاع (كأنما كانوا يقتدون بالمثال الرائع الشجاع الذي ضربه رامبو!)
قبعة البرجوازي تطير من على رأسه المدببة،
في كل الأجواء تتردد الأصوات كالصرخات،
عمال السقف يسقطون وينكسرون،
وعلى الضفاف - كما تقول الصحف - يرتفع الطوفان.
هبت العاصفة، البحار الوحشية،
تثب على اليابسة لتسحق السدود الضخمة،
Page inconnue