إني أحبه، نعم أحبه!
كنت أسمع صوته في التليفون كل يوم: هدى حبيبتي، أنت لي، أنت حياتي، أنت سعادتي، أنا أحبك، أحبك.
وذهبت إليه خائفة مترددة.
لماذا كنت خائفة؟ لا أدري، لعلي كنت أفكر في مدى ما يحدث بيننا إذا خلا كل منا بالآخر.
لكني كنت مشتاقة إليه، أردت أن أجرب ولو مرة واحدة وجودي معه على انفراد، كنت أتخيل ذلك كثيرا، وأرى نفسي بين يديه وفي أحضانه، وأحس بشفتيه وهما تضغطان على شفتي، وأحس بصدري وهو يلامس صدره، وأسمع همه الهادئ «أحبك، أحبك» فأغيب في سعادة غامرة حتى أفيق أخيرا على واقعي، فأشعر بالضيق وأحاول أن أعود مرة أخرى إلى أحلامي، فأعود ثم أفيق، حتى مللت هذه الأحلام التي لم تعد تعطيني أكثر مما أعطتني من سعادة.
وتعودت هذه السعادة حتى فقدت لذتها، وأحسست أني أشتاق إليه، إليه هو، بلحمه ودمه، فذهبت إليه، قدماي تتعثران، وقلبي يصعد ويهبط.
كنت أريد أن يمنحني الواقع سعادة جديدة، أو لعلي كنت أريد أن أعرف مكان الخيال من الحقيقة، أو مكان الحقيقة من الخيال.
ووصلت إليه وأنا ألهث وأرتعد، فأخذني بين ذراعيه، وظللت في أحضانه، وبعد مدة لا أدري مداها، أرخى ذراعيه من حولي وتباعدنا قليلا.
وخرجت من عنده وفي نفسي أحزان غريبة غامضة لا أدري ما هي، هل كانت الحقيقة أقل من الخيال؟ أم هو إحساس بضعفي وقد استرددت قوتي الضائعة؟ أم هو فتوره وهو يودعني، وقد غاب الوجد القديم الذي فتنني؟
وسرت أتخبط في ظلام وقد سيطر على نفسي شعور واحد، إنني لن أعود إليه.
Page inconnue