كان المذكور عالما فاضلا، صالحا، نزها قائما في الحق، لا تأخذه في الله لومة لائم، ولد في مستهل رجب سنة أربع وستمائة، وتولى قضاء القضاة بالديار المصرية، بتعيين الشيخ عز الدين بن عبد السلام، والوزارة ونظر الدواوين، وتدريس الشافعي، والصالحية، ومشيخة الشيوخ، والخطابة، ولم تجتمع هذه المناصب لأحد قبله قرأ على الشيخ زكي الدين سنن أبي داود، وسمع من غيره أيضا، وحدث، وتوفي ليلة السابع والعشرين من شهر رجب سنة خمس وستين وستمائة، قاله في «العبر» قال: وفي أيامه قبل موته بدون السنتين، جعلت القضاة أربعة، فإنه طلب منه أن يفوض قضية إلى حنفي، لكونها لا تسوغ إلا على مذهبه، فامتنع وكانت العادة أن يستنيب من كل مذهب واحدا ليحكم في الأمور السابقة على مذهبه ولكن باذنه، فلما امتنع من تلك القضية، أثار جمال الدين أيد غدي العزيزي، بتولية أربعة مستقلين من المذاهب، فأعجب السلطان ذلك، ففعله في سنة ثلاث وستين، ثم فعل ذلك في دمشق، ثم تتابع فعله، على تطاول السنين في باقي الممالك، وفي بعضها قاضيان فقط. وكان له ولدان: صدر الدين، وتقي الدين.
136 - صدر الدين
فأما ولده: صدر الدين عمر، كان فقيها، عارفا بالمذهب له معرفة بالعربية، ودين وحرمة وافرة وصلابة، عديم المزاح، كثير الصدقة والبر بالفقهاء، درس بمواضع، وولي قضاء الديار المصرية سنة ثمان وسبعين وستمائة، وعزل في شهر رمضان سنة تسع وسبعين، واقتصر على تدريس الصالحية، وتوفي يوم عاشوراء، سنة ثمانين وستمائة عن خمس وخمسين سنة.
137 - تقي الدين
Page 78