يا بُنَيَّ إذا قدمت مكة فجالس عمرو بن دينار، فإن أذنيه قُمع العلماء. مات عمرو بن دينار بمكة سنة سبع وعشرين ومائة، وقيل [٤٦] خمس وعشرين ومائة، في آخر أيام بني أُمية، وهو ابن ثمانين سنة، ولكونه مولودًا بصنعاء مولى أميرها (^١)، متفقهًا بطاووس، كان يمانيًا، وإن عدَّه بعض الناس مكيًا، مع أن أبا عبيد القاسم بن سلام (^٢) ذكر في تفسير قوله ﵇: الإيمان يمان، قولين أحدهما: إن مكة وما والاها من أرض تهامة يمانية، وإنما بدأ الإيمان من مكة، لأنها مولد النبي ﷺ ومبعثه، والثاني: أنه قال ذلك بتبوك من ناحية الشام، وهو يريد مكة والمدينة.
وقال غيره: بل أراد بذلك الأنصار، لأن أصلهم من اليمن.
ومنهم: حُجر بن قيس المَدَري قال عبد الملك بن أبي ميسرة: من مَدَرَات - بادية من بوادي الجَنَد - كان من أصحاب علي ﵇.
روى أبو نعيم في «رياضة المتعلمين» (^٣) مسندًا قال: قال لي علي: كيف بك إذا أُمِرت أن تلعنني. قلت: أَوَ كائِنٌ ذلك؟ قال نعم. فقلت: كيف أصنع؟ قال: لا تتبرأ مني (^٤).
فأقامه محمد بن يوسف أخو الحجاج إلى جنب المنبر يوم الجمعة، فقال له: ألعن عليًا. فقال حجر بن قيس: إن الأمير محمد بن يوسف أمرني أن ألعن عليًا فالعنوه لعنه الله (^٥). قال: فلقد تفرق أهل المسجد وما فهمها إلا
_________
(^١) هو باذان الفارسي (وقد سبق التعريف به).
(^٢) أورد أبو عبيد هذا الحديث في «غريب الحديث» ورقة ٨٨ من نسخة عارف حكمت.
(^٣) ذكره صاحب كشف الظنون باسم «رياضة المتعلم».
(^٤) في ح: «إلعنني ولا تبرأ مني» وفي ع: «قال: افعل ولا تتبرأ».
(^٥) هذه العبارة في الأصول: إن الأمير أمرني أن ألعن عليًا محمد بن يوسف فالعنوه لعنه الله. وما أثبتنا من السلوك ٢٥.
1 / 60