Méditer, jour après jour
تأمل يوما بعد يوم: ٢٥ درسا للعيش بوعي كامل
Genres
هل نريد أن نطور ذواتنا في اتجاه آخر؟ إذا كان الأمر كذلك، فمن المهم أن نبدأ بالعمل. إننا نقبل ذلك كي نتعلم اللغة الإنجليزية، أو التزلج، أو العزف على آلة موسيقية. ولكن يصبح ذلك أقل سهولة عندما يتعلق الأمر بالتركيز وصفاء الذهن. قد يقول بعضهم: «لماذا يجب أن نتمرن كل يوم؟ ألا تكفينا خبرة الحياة؟ ألا تكفي العزيمة والإصرار؟»
لا، كل هذا لا يكفي. لأننا إذا بقينا عند هذه الرغبة الواهية بالتغيير، فإننا لن نستخدم أبدا أذهاننا بشكل صحيح، سنبقى دائما ضحايا تشكو لكنها تقبل بكل ما هو تلقائي، وهكذا سنحافظ على تلك الأفكار القصيرة نفسها، وتلك المشاعر الخارجة عن سيطرتنا. لهذا السبب تكون ممارسة التأمل بالوعي الكامل، من جملة ما تكون، شكلا من رياضة الذهن. وهي رياضة مهمة للجميع، وخصوصا لهؤلاء الذين يدركون إلى أي مدى تهرب منهم أفكارهم، ولا تطيعهم. من المؤكد أن الهدف ليس إبقاء ذهننا مقيدا بحبل، وممارسة سيطرة كلية عليه، وإنما فقط تحقيق توازن قوى؛ أن نتمكن مثلا من الحصول على تركيز أو هدوء ملائم في اللحظات التي نحتاج لأي منهما فيها. لا أعتقد أنه هدف طموح أو صعب المنال، ومع ذلك هل نستطيع تحقيقه دائما؟
إن تمرين الذهن بشكل يومي لهو سلوك صحي؛ إنه بالضبط كرياضة الجمباز لوعينا.
إنه ينظف أيضا كل الأوساخ الاجتماعية؛ فهو بمنزلة ترتيب داخلي متكرر لذواتنا. وكما في حال الترتيب «الحقيقي»، إذا قمنا به بشكل متكرر فلن نشعر به لأننا سنعتاد على الإحساس الجيد. ولكن إذا لم نقم به، فإننا سنرى ذلك سريعا، أو بالأحرى سنشعر به. وربما ذلك هو «الخطر» الأكثر أهمية لممارسة التأمل بالوعي الكامل؛ أننا نصير معتمدين عليها، فإذا أوقفنا الممارسة فسنلاحظ بالتدرج عودة تبدلات المشاعر غير المستقرة، والأفكار المتطايرة.
الممارسة هي أيضا نوع من الزهد؛ فوراء بساطة الممارسة تكمن صعوبة المواظبة. هي أيضا مدرسة في الصبر؛ إذ يجب دوما العدول عن الحصول على نتيجة آنية. وهي أيضا مدرسة في التواضع؛ فالممارسة لن تضمن لنا شيئا؛ لأنه بعد حماسة البداية، والإحساس - أحيانا حتى الحصول على نتائج واضحة - بأن التمرين المنتظم ساهم بتخفيف هشاشتنا النفسية، نكون شبه متأكدين أننا قمنا بتحقيق تقدم (وطبعا ذلك صحيح)، ونصير واثقين أن هذا التقدم فعلي ودائم (لكن ذلك ليس صحيحا)؛ لأننا ننتكس من جديد. إن تلك «الانتكاسات التي تصيب الممارسين» هي القاعدة، إنها جزء أساسي من الطريق؛ فبعد نجاحاتك وحماستك، ستسقط من جديد، تحت تأثير صفعات الغضب، والكآبة، والقلق ... هل السقوط شيء مثير للخجل؟ هذا فقط إذا استخدمت تقدمك بالتأمل للافتخار، وأكثر إذا عرضته على الجميع، وقلت لهم إنه الترياق، وحملت «حالة الزن» الجديدة خاصتك كقلادة. وهل يكون السقوط مثيرا لخيبة الأمل؟ نعم، فقط إذا فرحت بشكل زائد، وحتى إن كان ذلك سرا، «في داخلك». وهل هو مسل؟ نعم، إذا قبلت أن ذلك سيحدث يوما ما، وإذا استطعت، في ذلك اليوم، أن تتلقى خيبة الأمل بهدوء، وبوعي كامل لأنك كنت تعرف أن ذلك سيحدث، ولأنك قبلت به قبلا. إن كل ذلك لا يعني أكثر من أن نقول: استمروا بالممارسة، استمروا دوما.
التمرين والممارسة
أقصد ب «التمرين» ممارسة التأمل بالوعي الكامل دون وجود سبب أو حاجة مباشرة؛ في الوقت الذي تسير فيه حياتنا بشكل طبيعي، دون معاناة محددة. ويوجد ثلاثة مستويات للتمرين: الممارسة المنهجية، والممارسة القصيرة الأمد، والمستوى الثالث هو عيش الحياة نفسها، ولكن بحالة وعي كامل.
تتألف التمارين المنهجية من تمارين طويلة الأمد، يجب ممارستها بشكل متكرر؛ بشكل يومي بالنسبة للمبتدئين، ثم مرة كل أسبوع وبعدها مرة في الشهر. نتعلم في بعضها أن نمرر في الذهن كامل أعضاء الجسم، دون محاولة تغيير الأحاسيس الموجودة فيها وإنما فقط إدخالها في إطار إدراكنا بهدوء واحترام؛ هذا ما نسميه ب «التصوير الطبقي للجسم» لو استعرنا المصطلح الطبي. في تمارين أخرى نتواصل مع حركات تنفسنا، أو مع الأصوات حولنا والحركية الدائمة لأفكارنا؛ هذا ما نسميه ب «الوعي الكامل للأصوات والأفكار». وهناك العديد من التمارين الأخرى. نستطيع البدء بالتمرين وحدنا بمساعدة مقطع صوتي، وهذا يساعدنا على البدء في تأمل الممارسة وتحديد فوائدها وصعوباتها. ولكن في لحظة من اللحظات سنحتاج إلى النصيحة، وإلى أجوبة على أسئلتنا، إذن لا بد من المشاركة بجلسات تمرين يديرها «معلم» لديه خبرة في التأمل بالوعي الكامل. إن مصطلح «معلم» يؤكد على أن هذه التمارين ليست علاجا نفسيا (رغم أن العلاج بالتأمل بالوعي الكامل يمكن وصفه للأشخاص الذين يعانون من اضطرابات نفسية) وإنما هو شكل من أشكال التعلم. إنه مجموعة من «الإرشادات» التي تساعد الشخص على الممارسة الذاتية لاحقا.
أما الممارسات القصيرة الأمد (عدة دقائق)، فإننا نستطيع القيام بها عدة مرات في اليوم. وهي يمكن أن تكون على شكل حضور واع «بسيط» في لحظات محددة: مثل الحال في بعض الأديرة البوذية عندما يقرعون الجرس مرة كل ساعة، أو التمارين التي يمكن للطبيب أن يقوم بها بين كشفين على المرضى، أو عندما يقوم موظف بإنهاء عمل ما والبدء بآخر، أو في أوقات الانتظار ... إلخ. ويمكن أن نقوم بها في أوقات الشدة والمعاناة، بدلا من تجاهلها أو السماح للاجترارات المعتادة الخاصة بالقلق بالظهور. سنحاول إذن أن ندركها ونستقبلها في روحنا التي ستكون مفتوحة على اتساعها أثناء تلقيها لتجربة اللحظة الحاضرة؛ فمثلا هناك ما نستطيع تسميته «فضاء تنفس»؛ عندما نشعر أننا نمر بفترة صعبة، نستطيع حينها، وكلما سنحت لنا الفرصة، أن نتوقف ثلاث دقائق وندعو ما هو غير مريح داخلنا للحضور، وفي نفس الوقت نبقى حاضرين لحركات تنفسنا، وبعدها نعود إلى نشاطنا الذي كنا نقوم به، مستفيدين حينها من «حالة الوعي الكامل» التي فعلناها خلال عدة دقائق.
العيش بوعي كامل
Page inconnue