Méditer, jour après jour
تأمل يوما بعد يوم: ٢٥ درسا للعيش بوعي كامل
Genres
اللحظة الحاضرة والفوضى
كيف يمكننا إذن أن نتصرف أثناء المحن، نحن الذين لا يمكن أن نمتلك هذا اليقين الذي يمتلكه المسيح؟ نستطيع أن نلجأ إلى اللحظة الحاضرة، وأن نتمرن على استضافة الشعور بعدم المعرفة أو الاستطاعة أو الفهم. علينا أن نراقب هذا الإحساس غير المريح، وكيف يحاول أن يخنقنا بموجات من الشدة ونبضات مشوشة للذهن؛ «هيا تحرك، افعل شيئا، لا تبق هكذا.» علينا أن ننمي ونطور قدرتنا على احتمال هذه التجربة. وتماما كما يحدث عندما نستمع إلى صديق، يجب علينا في بعض المرات أن نستمع إليه دون أن نشعر أننا مجبرون على حل مشكلاته أو محاولة إيجاد حلول بدلا منه. علينا أن نتحرر من «ضغط إيجاد حل ما» قد يسبب مزيدا من المعاناة. لنفعل الشيء نفسه عندما نفكر في مشكلاتنا؛ لنراقب بهدوء حالتنا، الآن وهنا، قبل أن نمتلئ عنادا بضرورة امتلاك زمام الأمور؛ فهذا سيأتي لاحقا.
ومن المهم أيضا أن نعتبر هذا العدول عن محاولة الفهم والتحكم بالأمور، حالة تحرر وخيارا، وليس هزيمة أو إجبارا. علينا أن نعدل عن السعي إلى التحكم ولكن أن يكون ذلك بشكل فعلي، دون تأوه أو ندم. ويجب أن يتم ذلك بعقلنا وجسدنا وروحنا أيضا، ولا يجب أن نبتعد بجسدنا (بأن «نستسلم» ولا نفعل شيئا) ولكن روحنا تتأوه. علينا أن نراقب إلى أي درجة يبعث هذا العدول على الراحة.
ولكن لننتبه؛ إذ يجب ألا يكون هذا هو سلوكنا الأول في كل مرة. علينا أحيانا من دون شك، أو حتى في معظم الأوقات، البدء بالبحث عن حلول. ولكننا إذا لم نجد حلولا، أو أنه رغم وجودها، عادت المشكلات، فقد يعني ذلك حينها أن طريق الخروج يكمن في مكان آخر.
إن ذكائي ومنطقي هما الضوء الذي ينير لي ويساعدني على فهم مشكلاتي، وإيجاد حلول لها. ولكن أحيانا، قد لا يكفي هذا الضوء، أو حتى إنه سيسجنني ويحجب عني طرقا أخرى. فعندما تسطع الشمس، يعطينا نورها انطباعا أنه يكشف لنا كل ما هو موجود أمامنا. ولكنها عندما تغيب ويحل الليل، نفهم فجأة، أمام هذا العدد الهائل من النجوم أنه توجد أشياء أخرى لم نرها بسبب ضوء الشمس. «الدرس التاسع عشر»
يجب ألا نضع أنفسنا في حالة ضعف أو عجز. لكننا لا نملك الخيار دائما. إذن هل نستطيع أن نهيئ أنفسنا للحظات كهذه؟ ربما. عندما نمارس تمارين التأمل بالوعي الكامل بشكل متكرر، سنعرض أنفسنا حينها إلى ذهن لا يفعل إلا ما يحلو له، وإلى مشاعر وأحاسيس تؤلمنا. ولكننا عندما نقرر البقاء هنا، رغم كل هذا؛ أن نبقى بالتمرين رغم عدم الراحة والفوضى، فإننا سنملك قدرة مهمة؛ إنها قدرتنا على تحمل الإحساس بالفوضى وفقد السيطرة. أن نبقى رغم الألم ليس نوعا من محاولة جلد الذات، أو حب تعذيبها؛ بل هو فقط أن نقبل إمكانية حدوث ذلك يوما ما في حياتنا، وأن نكون مستعدين لذلك ولو قليلا.
الفصل العشرون
أن نلمح السعادة وهي تبزغ ببطء
إنها كالوعد الذي يظهر ببطء من بعيد. جمال ساحر نراقبه ونحن نقترب في مياه الخليج الضحلة. إنها مدينة البندقية. قريبا سنصل إليها، قريبا سنضع أقدامنا على أرضها الهشة، سنكتشفها، ونزورها كاملة، هذه المدينة ذات الجمال الذي يخبو رويدا. تبدو الشمس كأنها تستقبلنا وهي تقدم آخر خيوط الضوء والحرارة. إنها تملأ سماء الخليج بشعلة صفراء ذهبية اللون.
لقد بدأ القمر صعوده عند الأفق في الزاوية اليسرى من اللوحة، حاملا معه قليلا من البرودة. بعد قليل ستغوص الزرقة في ظلام الليل، وعندما سنصل إلى المرفأ تكون الشمس وضوءها قد غابا. إن هذه اللحظة تهزنا وتبعث القشعريرة فينا. لقد غمرنا هذا النهار بالسعادة، وكذلك فعل الغسق. فماذا سيحدث الآن عندما تغيب الشمس؟
Page inconnue