وَنَجَوْا، وإن تركوه هلك وهلكوا» (١).
_________
(١) روى البخاريُّ هذا الحديثَ على وجهٍ آخرَ، وفيه زيادةٌ من الجمال الفني؛ قال: «مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلاَهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا، فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنْ الْمَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ، فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا! فَإِنْ تَرَكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا وَنَجَوْا جَمِيعًا». فهذا تمثيل لحالة طائفة في "الأسفل" تعمل لرحمة من هم في "الأعلى": عاطفة شريفة ولكنها سافلة، وحمية ملتهبة ولكنها باردة، ورحمة خالصة ولكنها مهلكة؛ ولن تجد كهذا التمثيل في تصوير البلاغة الاجتماعية والغفلة الفلسفية لأناس هم عند أنفسهم أمثلة الجِد والعمل والحكمة، فكأن النبي ﷺ يقول لهؤلاء من ألف وثلاثمائة سنة: أنتم المصلحون إصلاحًا مخروقًا!. (الرافعي). وأقول: الحديث أخرجه الإمام البخاري ﵀ في موضعين من "صحيحه": الأول باللفظ المزبور أعلاه: في [كتاب الشركة - باب هل يُقْرَع في القسمة؟ والاستهمامِ فيه] حديث رَقْم (٢٤٩٣)، ثم رواه في [كتاب الشهادات - باب القرعة في المُشْكِلات] حديث رقم (٢٦٨٦). والحديث أخرجه أيضًا الإمام أحمد في "المسند" (٤/ ٢٦٨، ٢٧٠)، والإمام أبو عيسى الترمذي في "جامعه" [كتاب الفتن] حديث رقم (٢١٧٣)، وقال: «حديث حسن صحيح»، والإمام البيهقي في "السنن الكبير" [كتاب العتق - باب إثبات استعمال القرعة] (ج١٠ص٢٨٨).
1 / 23