كنت أتأمله قطعًا من البيان، فأراه ينقلني إلى مثل الحالة التي أتأمل فيها روضة تتنفس على القلب، أو منظرًا يَهُز جمالُه النفسَ، أو عاطفة تَزيد بها الحياة في الدم، على هدوء ورَوْح وإحساس ولذة؛ ثم يزيد على ذلك أنه يصلح من الجهات الإنسانية في نفسي، ثم يرزق الله منه رزق النور فإذا أنا في ذوق البيان كأنما أرى المتكلم ﷺ وراء كلامه.
وأعجب من ذلك أني كثيرًا ما أقف عند الحديث الدقيق أتعرف أسراره، فإذا هو يشرح لي ويهديني بهديه؛ ثم أُحِسُّه كأنما يقول لي ما يقول المعلم لتلميذه: «أفهمت؟».
وقفت عند قوله ﷺ: «إِنَّ قومًا ركبوا في سفينة، فاقتسموا، فصار لكل رجل منهم موضع، فنقر رجلٌ منهم موضعه بفأس، فقالوا له: ما تصنع؟ قال: هو مكاني أصنع فيه ما شئت! فإن أخذوا على يده نجا
1 / 22