La Sufisme : Ses Origines et Son Histoire
الصوفية: نشأتها وتاريخها
Genres
76
إن هذه الارتباطات الخيالية ليست مبالغة تبجيلية فحسب، بل إنها تشير إلى الاعتماد المتبادل بين الدين والتجارة، الذي أفسح مجالا أمام «الواردات» الصوفية في أوائل العصر الحديث. وعلى الرغم من أن هذه العملية يمكن لمحها فقط في الأعمال السردية التي تتحدث عن المعجزات المحفوظة في السجلات الملكية، فإن تحول الحكام الملايويين في الدول التجارية الحديثة، التي ظهرت في جنوب شرق آسيا في القرنين الخامس عشر والسادس عشر، إلى الإسلام؛ عزي كثيرا إلى بركة وتعاليم هؤلاء الصوفيين الرحالين، الذين أبحروا إلى المنطقة من مراكز قديمة مثل بغداد، على الرغم من أن الأبحاث الأحدث تظهر أن الهند كانت المصدر المرجح أكثر لهؤلاء الأولياء.
77
والروايات التي تسرد قصص التحول إلى الإسلام المحفوظة في السجلات الملايوية تتسم عادة بالإثارة البالغة؛ حيث تروي ختان الملوك بطريقة إعجازية أثناء نومهم، أو إنقاذهم أثناء سكرهم من الشياطين التي تتبول في كئوسهم. وتظهر أدلة انتشار الإسلام في أعماق جنوب شرق آسيا وجود تطورات مشابهة؛ حيث ارتبط تحول جاوة إلى الإسلام بقصص «الأولياء التسعة» المشهورين وأضرحتهم. وبالمثل، فإن أقدم الأدلة الأدبية المهمة على الإسلام الجاوي، مثل كتيب «بريمبون» الجاوي الذي يعود إلى القرن السادس عشر، يوثق انتشار إسلام صوفي النوع في جوهره في جاوة.
78
ومن جنوب شرق آسيا في القرن السادس عشر، توجد أدلة من كتابات الصوفيين أنفسهم، الذين كانت أعمالهم شاهدة على إدراكهم الشديد التعقيد للتفاصيل الدقيقة الماورائية في حدود المحيط الهندي هذه. وعكس هذا التعقيد ظهور طبقة من العلماء الصوفيين المتنقلين في المنطقة؛
79
ففي حالة حمزة الفنصوري (المتوفى عام 1527 أو 1590)، نجد صوفيا ولد في جنوب شرق آسيا يسافر إلى مكة وبغداد وحتى فلسطين، قبل أن يعود إلى التدريس في وطنه؛ مما يشير مرة أخرى إلى نموذج التداول الثنائي الجانب، أكثر مما يشير إلى مجرد الانتقال من المركز إلى الحدود،
80
فترجح إعادة تقييم حديثة للأدلة المتعلقة بالحياة المهنية لحمزة الفنصوري أنه كان عضوا في الطريقة القادرية التي تأسست في بغداد، وكان يستقطب المريدين في بلاط ملوك باساي في سومطرة؛ حيث إن حاكمها في حوالي عام 1270 اعتنق الإسلام.
Page inconnue