La Sufisme : Ses Origines et Son Histoire
الصوفية: نشأتها وتاريخها
Genres
122
على الرغم من ذلك، لم يقتصر استعداد كثير من الصوفيين على استخدام اللغات المحلية فحسب، بل كانوا مستعدين أيضا لاستخدام المصطلحات والقصص المألوفة لجماهير تلك اللغات؛ ففي الهند يرتبط أقدم الأدلة على ذلك بشيخ الطريقة الجشتية فريد الدين كنج شكر (المتوفى عام 1265)، الذي انتقلت أشعاره المكتوبة بشكل قديم من اللغة البنجابية شفهيا عبر الأجيال، قبل أن تجد لنفسها في نهاية المطاف موطنا غير متجانس معها تمثل في الكتاب المقدس لدى السيخ، المعروف باسم «أدي جرانت»
123
في الجيل التالي، بدا شاعر البلاط المنتمي للطريقة الجشتية أمير خسرو (المتوفى عام 1325) يكتب أغاني صوفية تعبدية بلغة هندية مبكرة، إلا أن هذه الأشعار ظلت غير مكتوبة لقرون أيضا.
124
وبين الجشتيين أيضا ظهر أول عمل نثري عن الصوفية مكتوب بالهندية/الأردية، وكان هذه المرة في جنوب الهند، وحمل اسم «معراج العاشقين»، وكتبه محمد الحسيني «كيسو دراز» (أي طويل الشعر) الذي هاجر من شمال الهند إلى جنوبها. وألف الحسيني الكتاب في عاصمة السلاطين البهمنيين، الذين بنوا له بعد وفاته عام 1422 ضريحا ضخما من الحجر.
125
ولعب البلاط الملكي دورا أكثر مباشرة في أول قصيدة سردية صوفية أو «مثنوية» مكتوبة باللغة الهندية قبل القرن السادس عشر؛ لأن مؤلفها كان شاعرا من شعراء الحاشية الملكية يحظى برعاية حاكم إقليمي في شرق الهند. وفي محاكاة لاستخدام الرومي للحكايات الشعبية المحلية في الأناضول، في منطقة أوده اقتبس المريد الجشتي وشاعر البلاط الملا داود واحدة من أكثر القصص الغرامية شعبية في المنطقة، وكذلك لهجة المنطقة، ليكتب عام 1379 عمله «تشاندايانا».
126
في ذلك الوقت ، لم تقتصر نافذة الاطلاع على المسعى الصوفي على قصص الطيور الرمزية التي ألفها العطار بالفارسية، بل امتدت لتشمل حكايات غراميات ومغامرات حظيت باستحسان القادة المحاربين ساكني القصور، وفهمها أيضا العوام في الريف؛ حيث من الممكن افتراض أن هذه القصائد انتشرت حاملة معها عبق البلاط الملكي. وعلى الرغم من أنه لم يبق مثنويات هندية أخرى من هذه الفترة، فقد شهد القرن السادس عشر والقرن السابع عشر كتابة الكثير من قصائد المثنويات الغرامية الصوفية باللغة الهندية.
Page inconnue