La Sufisme : Ses Origines et Son Histoire
الصوفية: نشأتها وتاريخها
Genres
سعت الخواجكانية إلى زيادة أتباعها من خلال النقد الشديد للجماعات الصوفية الأخرى؛ فقدمت منافسيها في صورة المنحلين أخلاقيا، وقالت إن امتلاك الخانقاوات يعد دليلا على الاهتمام بالأمور المادية.
54
وبطبيعة الحال، يجب أن ندرك أن ادعاءات الخواجكانية النقشبندية على منافسيها كانت استخدامات استراتيجية خطابية وليست أوصافا حقيقية موضوعية، وقد بذل المؤرخون محاولات مضنية لوضع تسلسل للأحداث من المصادر المشكك فيها على نحو متبادل، الخاصة بهذه الفترة. على الرغم من ذلك، يبدو في العموم أنه مع تحسن الظروف بعد تحول المغول إلى الإسلام، ووسط ازدهار وانهيار سلسلة مضطربة من الدول الإسلامية القبلية، ظهرت طريقة أكثر تنظيما وتفاعلا اجتماعيا استحوذت تدريجيا على أتباع الخواجكانية ومكانتها، واحتوتها بطريقة مماثلة لتلك التي احتوى بها الصوفيون في السابق الكراميين في خراسان.
55
وتحت قيادة «المؤسس الثاني» للطريقة بهاء الدين نقشبند (المتوفى عام 1389)، وبصفة خاصة تحت قيادة ورثته في الأجيال القليلة التالية، غيرت الطريقة الخواجكانية النقشبندية الجديدة هذه موقفها العقائدي جذريا، وأصبحت تسعى حثيثا إلى تكوين علاقات مع القادة السياسيين، وتشجع على اكتساب الثروة، وأصبحت ترى هذا الأمر علامة على فضل الله على أوليائه.
56
ومن خلال مجموعات علاقات مع حكام آسيا الوسطى الضعفاء، الذين كانت تقاليدهم وشرعيتهم في ذلك الوقت أقل عمقا من تقاليد وشرعية شيوخ الطريقة الخواجكانية النقشبندية الموجودة منذ أمد طويل؛ وصل فرع الطريقة الذي يقوده عبيد الله أحرار (المتوفى عام 1490) إلى مكانة هائلة؛ حيث أصبح أكبر مالك للأراضي في آسيا الوسطى. وفي إجراء عملي لصناعة التقليد خضع ضريح «المؤسس الثاني» بهاء الدين نقشبند للتجديد في هذه الأثناء.
57
وفي الوقت نفسه، حافظت الطريقة على «أسلوبها» المميز؛ إذ اعتمدت على نحو كبير على الشريعة، وانتقدت الاستخدام الديني للموسيقى، وروجت الأشكال الخاصة بها من الذكر السري.
كانت الجشتية والنقشبندية الخواجكانية طريقتين صوفيتين مختلفتين؛ وقد تبنتا نتيجة لذلك مناهج مختلفة جدا في التعامل مع المسائل الأساسية المتمثلة في الثروة والتنظيم والممارسة والمعتقد. فتجنبت الأولى الحكام، وسعت إلى الله من خلال الموسيقى، وتقبلت الهندوس؛ في حين كونت الأخرى علاقات مع الحكام، وأدانت الموسيقى، وحثت بانتظام على الجهاد ضد الكفار. وفي الوقت نفسه، فقد اشتركت هاتان الطريقتان في النسيج التنظيمي والمفاهيمي الأساسي، المتمثل في وجود سلسلة ذات جاذبية كبيرة منحدرة من النبي محمد. في كلتا الحالتين، كانت تستخدم تلك السلسلة لتكوين رابطة من «المريدين المتبعين لشيخ»؛ من خلال طقوس الالتحاق، والبيعة للممثل الحي للنبي محمد، والأولياء الذين تدفقت بركتهم عبر مئات السنوات وآلاف الأميال من خلال السلاسل الخاصة بهم لتصل إلى مريديهم، سواء في الهند أو في آسيا الوسطى.
Page inconnue