Soudan
السودان من التاريخ القديم إلى رحلة البعثة المصرية (الجزء الثاني)
Genres
وبلدة «مكانكو» الآنفة واقعة في فم بحيرة ألبرت نيانزا ومحل الخزان المزمع عمله في المستقبل.
وبعد هذا الفتح لم يبق غوردون باشا الحاميات المصرية بتلك الجهات، بل أمر في أواخر نفس هذا العام «1876م»، أي عند تركه خدمة الحكومة المصرية نظرا لانتهاء أجل عقد خدمته بسحب كافة الحاميات المصرية المقيمة في «أونيورو» و«أوغندة». وعلى ذلك أخليت المحطات الآتية:
فويرة وكيرتو وماسندي ومرولي وفاكوفيا وأرندجاني وروباجا.
وكان في خلال هذه المدة قد تلقى الخديوي إسماعيل رسالة غوردون باشا المنبئة باحتلال قاعدة أوغندة، فبادر بالإنعام عليه بالوسام المجيدي الأول. ولم يصل خبر هذا الإنعام إلى غوردون باشا إلا عند إزماعه الرحيل ، وبعد أن صدر أمره بإخلاء تلك المحطات، وقال «ص196»: إنه ارتبك في أمره وصار لا يدري كيف يفعل. وهذا أمر يفهم بالبداهة.
وعندما تعين أمين باشا مديرا لمديرية خط الاستواء أعاد احتلال قسم من هذه المحطات، ولكن لما تعين غوردون باشا حكمدارا عاما للسودان أمر بإخلائها ثانية، وفعلا نفذ الأمر، ولما زايل مركزه وتعين بدلا منه رؤوف باشا حكمدارا عاما للسودان رجع أمين باشا مرة أخرى واحتلها ولم يتركها إلا لما شبت نار الثورة المهدية، وذلك عندما أراد أن يلم شعثه ويحصر قوته المسلحة في محطات معينة.
ومن العجب أن غوردون باشا بعد أن احتل قاعدة أوغندة وكل هذه المحطات الأخرى يرجع فيخليها بعد برهة قصيرة جدا، لا سيما أن هذا الاحتلال تم بمحض موافقته وموافقة ملك هذه البلاد. ولم يكن هناك أي داع حربي يضطره إلى الإقدام على الإخلاء؛ لأن قوته العسكرية كانت باعترافه هو نفسه قد زادت عند نهاية خدمته.
ويقول في مؤلفه السابق «ص196» إنه اضطر أن يسحب جنوده من بلد أمتيزا بدون أن يذكر السبب في ذلك.
ومن رأيي أن السبب يرجع حتما إلى أن إنكلترا كانت تعارض في اتساع أملاك مصر في الجنوب مع أنه لم يكن لها في ذلك الوقت بتلك النواحي أية مصلحة، ولكنها كانت تنظر إلى المستقبل البعيد. وهذا ما يستخلص من شهادة رجل لا يمكن أن يعزى إليه الجنوح إلى أية محاباة لمصر.
وهذا الشاهد هو المحترم فلكن، وهو من المبشرين الإنكليز الذين أقاموا في أوغندة، وكان يكتب في ذلك العهد تقريبا أي عام 1879م. وهاك ما قاله في مؤلفه «أوغندة والسودان المصري ج1 ص324»:
ومما يؤسف له أنه لم يوضع حد لتعسف كباريقا ملك أونيورو واستبداده على أنه قد كان في حيز الاستطاعة الحيلولة دون هذه التعسفات وهذا الاستبداد قبل ذلك بزمن إذا لم تكن قد بدت معارضات شديدة في إنكلترا من جانب أولئك الذين يرون بعين الحسد والغيرة توسع مصر في ممتلكاتها جنوبا. ا.ه.
Page inconnue