Soudan
السودان من التاريخ القديم إلى رحلة البعثة المصرية (الجزء الثاني)
Genres
مشروع خزان تانا. والأخيران في دور التفكير والبحث والمفاوضة والتمهيد، ولم يوضع لهما تصميم معين، ومن باب أولى لم يبدأ فيهما.
وقد اكتنفت السياسة هذه المشروعات، وكان أشد مظاهر ذلك هو خوف المصريين من أن يتخذ بناء خزانات مصرية أو سودانية للإضرار بالري المصري، أو أداة لإكراه مصر على ما تأباه.
ونتكلم هنا على منطقة السدود، ومشروع خزان ألبرت. ومشروع خزان تانا. وفي الجزء الثالث من هذا الكتاب نسهب الكلام على خزان سنار، وخزان جبل الأولياء، وخزان أسوان؛ لأننا زرنا هذه الخزانات، فنحن نكتب عن معاينة لا عن علم فقط.
يقول أحد المهندسين: «إن فكرة التخزين قديمة في مصر، وترجع إلى عهد الفراعنة، فقد عنوا بتنظيم التخزين، واختاروا له المنخفض الذي تشغله الآن مديرية الفيوم. وقد أطلق الإغريق على هذا الخزان اسم بحيرة «موريس» (راجع تاريخ مصر للعلامة السر ملندرس ستري ج1 ص20 إلى سنة 204».
وقام قدماء المصريين كذلك بإنشاء خزانات في وديان السيول في الصحراء الشرقية وفي شبه جزيرة سينا لتخزين مياه الأمطار والسيول، والانتفاع بها في سقي بعثات التعدين وعمال المحاجر «راجع كتاب علم الآثار المصرية للعلامة جاستون مسبيرو صفحة 39-41». وكان الرومانيون يخزنون ماء الأمطار في آبار في الصحراء الغربية.
ولما ولي المغفور له محمد علي باشا أمر مصر اهتم بتخزين المياه، فأنشأ خزانا في مديرية البحيرة على أرض واسعة لا تزال تسمى أرض الخزان، وهي الآن ملك للأمير عمر طوسون، وكان الغرض من هذا الخزان تغذية ترعة المحمودية في الصيف، فلما أنشئت طلمبات العطف بطل استعمال هذا الخزان.
واهتم المغفور له محمد علي باشا كذلك بإنشاء خزانات للنيل لزيادة الإيراد الصيفي، وكلف لينان باشا كبير مهندسيه البحث عن مكان خزان «موريس» وإمكان إعادته، فلما وجد لينان باشا التكاليف كثيرة اقترح إنشاء سد على النيل عند جبل السلسلة «راجع مذكرات لينان دي بلفون صفحة 397-420-88».
ولما احتل الإنكليز مصر أحضروا إليها نخبة من مهندسيهم الذين كانوا في الهند لإصلاح الري، وقد وجدوا أمامهم اقتراحين لتخزين المياه، وهنا يصح أن ندع السير ويلكوكس يتكلم، فقد قال في كتابه «الري في مصر صفحة 424 الطبعة الثانية» ما يأتي:
في سنة 1880 (أي قبل دخول الإنكليز مصر) اهتم الكونت دي لامون الفرنسي بمسألة الخزانات، فاقترح إنشاء سد على النيل عند جبل السلسلة لتخزين المياه إلى جنوبه، أي في سهل كوم أمبو، وقدر التكاليف بأربعة ملايين من الجنيهات، وذلك عدا التعويضات، وقدر كمية المياه التي يسعها هذا الخزان بنحو سبعة مليارات من الأمتار المكعبة.
وفي سنة 1882 اقترح المستر كوب هويتوس الأمريكي إنشاء خزان في وادي الريان (الذي يقع في الصحراء الغربية إلى جنوب الفيوم)، أي في الوادي الذي سبق للينان باشا أن ذكره ورسمه في خريطته.
Page inconnue