149

Chemins et Méthodes

سبل ومناهج

Genres

والنساء وما قولتك فيهن؟ فقد صارت أخدارهن المنيعة حمامات البحر، يعرضن بعد الغوص فيها أجسامهن البضة على عيني وعينك يا تاجر، ينبطحن على الرمال عاريات وكأنهن في خلوة ولا عين تنظر.

كنا فيما مضى نشتاق سماع امرأة ذات صوت رخيم تبوح بسر الهوى، وصرنا اليوم نستحي من بنينا وبناتنا أن نسمع وإياهم تأوهات المغنيات التي تبثها الإذاعات بلا حياء.

كنا فيما مضى إذا مالت بنا العربة في منقلب نحمر ونخضر ونصفر إذا احتككنا بأنثى، وكانت الأنثى تحاول أن تخترق جدار المركبة لتنجو من لمسة غير مقصودة ولا تعني شيئا، أما اليوم ففي هذه الترامات المزروكة المحشوكة لا ندري كيف نهرب من الجنيات اللواتي ينهضن من كل محطة ويملأن الحافلات المحشورة فيها الناس كالسردين وكبس الجبن.

كنت مرة واقفا في مقدمة حافلة فإذا بفتاتين انسلتا ووقفتا أمامي منتصبتين كالهدف، فوجدتني في موقف حرج، الترام يتراوح ذات اليمين وذات الشمال وأنا أتماسك خوف الإهواء عليهما، فما كان منهما إلا أن قهقهن ضاحكات من حشمة في غير محلها، فضقت بهما صدرا وقلت لهما: يا بناتي، جئتماني متأخرتين، وكم تمنيت لو كنت خلقت في زمانكما زمن المتعة بلا حياء.

بهذه اللهجة الوقحة نطقت لأرد عني كيد فتاتين هزئتا بشيبتي، أما الخبيثتان فقالتا: قد عرفناك، وما فعلنا ما فعلنا إلا لإحراجك وسماع نكتة منك.

عفوا إذا استطردنا إلى ما كنا ننهى عنه! فنحن لم نذكر ما ذكرنا إلا لندل على أن الرجل كان في الزمان الماضي طالبا وصار اليوم مطلوبا.

شبب عمر بن أبي ربيعة بنساء عصره، وذكر ما كان يقع له معهن ففسقوه، كما عدوا قبله امرأ القيس متهتكا لأنه اقتحم بركة دارة جلجل وقعد على ثياب العذارى المستحمات فيها، وأبى إلا أن يخرجن إليه عاريات ففعلن مكرهات، ترى ماذا كان يقول اليوم معاصرو امرئ القيس لو قاموا من قبورهم ورأوا عذارى هذا الوقت ونساءه منبطحات على الرمال عارضات جمالهن كاملا غير منقوص على كل عابر سبيل؟ ولسن في حاجة إلى من يقعد على ثيابهن ليخرجن إليه في بذلة حواء قبل ورقة التين.

إني لأمسك القلم عن عد ما عندنا من قلة حياء تجمعها كلمة قالها الإمام علي: «صار العفاف عجبا، والفسق نسبا، ولبس الإسلام الفرو مقلوبا.»

فالسراق لا يخجلون، والنصابون المحتالون لا يستحون؛ لأن من هم فوقهم شر منهم، وتقصير الحكام والأحكام يحمل على الإجرام.

الكلب الذي تطعمه لقمة يبوس يدك مرات، أما الهر اللئيم الناكر الجميل القليل الحياء، فإنه يهرب بها ويتوارى عنك ثم يعود إليك طالبا غيرها، وإذا لوحت له بلقمة كريمة جمع نفسه في زوره وقفز كأنه يتصيد ولا يستعطي، وهذا منتهى الخساسة والغدر.

Page inconnue