على الطبقات، وكان ابن سعد من الأوائل الذين استخدموا هذا الأسلوب بعد أستاذه الواقدي فأبدع وأجاد، ونجد آخرين صنفوا كتبهم على النسب سواء كان ذلك إلى القبيلة، أو المدينة، أو الصنعة. على أن بعضهم قد عمد إلى استخدام أكثر من أسلوب كما هو الحال عند خليفة ين خياط، حيث صنف كتابه على الأنساب، ولكن ضمن الطبقة الواحدة.
وهناك مسلك آخر قد سلكه بعضهم، وهو التصنيف على المدن، فيذكرون في مصنفاتهم تراجم أهل بلد معين، سواء كانوا من أهلها أصلًا أو ممن دخلها من غير أهلها، ومن أشهر ما ألف في هذا تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ﵀.
والذي يعنينا من هذا كله هو ما ألّف في تراجم رواة الحديث النبوي الشريف، وقد اتبع مصنفوها أيضًا مناهج متعددة تبعًا للأغراض المقصودة منها، فمنها ما يهتم بحياة صاحب الترجمة وأخباره، فيذكر سنة مولده ووفاته ويطيل في أخباره والمشاهد التي شهدها، ومعتقده والمناصب التي شغلها إن كان من ذوي الشأن، وما قيل فيه من جرح أو تعديل، إلى غير ذلك من معلومات، وقد مال بعضهم إلى الاختصار على ذكر ما قاله الأئمة من جرح وتعديل بعبارات مقتضبة.
وهكذا تكاثرت الكتب المؤلفة في رجال الحديث، وتبعًا لذلك تشابهت الأسماء وأصبح من الصعب التمييز بين كثير منها، مما دفع بعضهم إلى تأليف كتب خاصة تهتم بضبط أسماء الرواة، وأخرى للتمييز بين الرواة بالقرائن إن كانوا من أهل بلدة واحدة، أو طبقة واحدة.
إن المتتبع لما أُلف في الحديث النبوي الشريف على اختلاف علومه ليجد أن هذا العلم قد حظي بعناية بالغة حققت الأهداف المنشودة منه. ولم يكن
1 / 14