ومن الأمثلة التي توضح هذه الأهمية - وسيجد القارئ غير هذا المثال - ما جاء في فقرة ٢٢: "سئل أبو داود عَن أَبِي الجَحَّافِ؟ فَقَالَ: قَالَ سُفْيَان: ثنا، وكان مرضيًا"، أي إن سفيان الثوري كان يحدث عن أبي الجحاف ويرضاه، فهذا توثيق له من الإمام الثوري.
وكذلك جاء النص عند الحافظ المزي، لكنه جاء محرفًا في (تهذيب التهذيب) ٣: ١٩٦- ١٩٧ إلى "وكان مرجئًا"، وهو تحريف يسير، يترتب عليه اختلاف كبير وقد تكون الفائدة في هذا الكتاب بوجود معلومات فيه عن راوٍ ما، لا توجد في غيره من الكتب الكبيرة المعنية بذكر تلك المعلومات، ففي فقرة ١٤٢ يقول الآجري: "سألتُ أبا دَاوُد عَن أَبِي سَلَمة الصَّائغ، حدّث عَنْهُ وكيع، فَقَالَ: مَا سمعت إلا خيرًا" فأفادنا أن وكيعًا يروي عن أبي سلمة الصائغ، في حين أن ابن أبي حاتم - كما علق المحقق - لم يذكر عمن روى، ومن روى عنه، وهو من المهتمين بذكر شيوخ الرجل وتلامذته.
وغير ذلك من الفوائد المنثورة في الكتاب، التي يقدر أهميتها المحتاج إليها، المتلقط لها بنافذ بصيرته.
وقد صنف الآجري الرواة الذين يذكر أخبارهم وأحوالهم على حسب بلدانهم، فيذكر المدنيين - مثلًا - ثم المكيين، وهكذا، جاء كتابه في عدة أجزاء.
وقد يسّر الله تعالى الوقوف على الجزء الثالث منها - وهو في رواة الكوفة والبصرة - وقام بأعباء تصحيح نصوصه وتحقيقها تحقيقًا علميًا دقيقًا، أحد طلاب شعبة السنّة من قسم الدراسات العليا بالجامعة الإسلامية، وهو الأستاذ السيّد محمد عليّ قاسم العمري - الأردني - وقدّم ذلك لنيل شهادة العالمية (الماجستير) .
فبذل في ذلك الجهد المشكور، وقدّم للكتاب مقدمة علمية رصينة فيها تعريف موجز بالإمام أبي داود، وجلى من أمره ما يتصل بموضوع الكتاب وهو النقد والجرح والتعديل، وعرف بجامع الكتاب أبي عبيد الآجري، وبكتب
1 / 13