وقد ترتب على هذا الجهد المبذول أن صار أحد أئمة الدنيا فقهًا وعلمًا وفارسًا من فرسان الحديث النبوي الشريف.
أشهر مصنفاته:
تقدم أن أبا داود ﵀ حظي بمكانة علمية عالية شهد له بها الجهابذة، حيث قضى حياته في طلب العلم وتحصيله، وما أن ترك الدنيا حتى خلف للمسلمين ثروة من مصنفاته التي تعد من أنفس كتب التراث الإسلامي ومن أهمها:
كتاب السنن: وقد جمع فيه الأحاديث المتعلقة بالأحكام والأمور الفقهية، ورتبه على أبواب الفقه، وعدتها ثمانمائة وأربعة آلاف حديث، وذكر شرطه فيه فقال: "ذكرت فيه الصحيح، وما يشبهه، وما يقاربه، وما كان في كتابي هذا من حديث فيه وهن شديد بيّنته، وما لم أذكر فيه شيئا فهو صالح"١.
وقد لاقى كتاب السنن إعجابًا بالغًا عند أهل العلم، بل كان ينافس الصحيحين منافسة قوية أول أمره، قال فيه الخطابي: "إنه لم يصنف في علم الدين مثله، وهو أحسن وصفًا وأكثر فقهًا من الصحيحين"٢.
وقال ابن قيم الجوزية ﵀: "كتاب السنن لأبي داود من الإسلام بالموقع الذي خصه الله به بحيث صار حكمًا بين أهل الإسلام، وفصلًا في موارد النزاع والخصام، فإليه يتحاكم المنصفون، وبحكمه يرضى المحققون، فإنه جمع شمل أحاديث الأحكام، ورتبها أحسن ترتيب ونظمها أحسن نظام مع انتقائها أحسن انتقاء، وإطراحه منها أحاديث المجروحين والضعفاء"٣.
وقد اعتنى العلماء به عناية بالغة فشرحوه شروحًا متعددة٤..
_________
١ انظر: رسالة أبي داود لأهل مكة.
٢ فتح المغيث ١/ ٨٤.
٣ توضيح الأفكار ١/ ٦٠.
٤ طبع أكثر من مرة.
1 / 24