(٦٠)﴾ [غافر] وكلّ من له عِلْمٌ بفضل التّهليل والتّسبيح والدّعاء يقول مثل هذا الدّعاء وأكثر منه.
وكان النَّبيُّ ﷺ يعدّ فوات الكمال في الأعمال ذنبًا، وهذا أيضًا دأب الصّالحين، قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ (٦٠)﴾ [المؤمنون] أي يخافون ألاّ يتقبّل الله منهم؛ يشعرون أنّهم لم يؤدُّوا العبادة على الوجه الّذي ينبغي، وأنّهم مقصّرون في حقّ الله، وهذا الشّعور يحملهم على الزّيادة في الطّاعات، والإنابة إلى الله والتّضرع إليه، وإظهار شكره، فالمؤمن يدين نفسه ويتّهمها، ولا يغترّ بعبادته.
وهذه عائشة ﵂ تذكر: " أنّ نبيّ الله ﷺ كان يقوم من اللّيل حتّى تتفطّر قدماه، فقالت عائشة: لِمَ تصنع هذا يا رسول الله، وقد غفر الله لك ما تقدّم من ذنبك وما تأخّر؟ قال: أفلا أكون عبدًا شكورًا " (^١) فدلّ ذلك على أنّ غفران ما تقدّم وما تأخّر نعمة من الله، وأن شكر الله على نعمه يكون بالعمل كفعل النَّبيِّ ﷺ، وقد دلّ القرآن على ما دلّت عليه السّنّة، قال تعالى: ﴿اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا ... (١٣)﴾ [سبأ] وقال بعد ذلك: ﴿وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ (١٣)﴾ [سبأ].
قولهم: صلاة الله وملائكته والمؤمنين على النَّبيِّ ﷺ دليل حاجة
قال الجهلاء: صلاة الله وملائكته والمؤمنين على النَّبيّ ﷺ، وطلبه من أمَّته الدّعاء له وأن يسألوا له الوسيلةَ دليلُ حاجته إلى الشَّفاعة؟! وهذا كلّه يؤكّد وقوعه في ذنوب تنافي عصمته؟!
والجواب، أنّ الصَّلاة والسّلام على رسول الله ﷺ انقياد لأمر الله، قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (٥٦)﴾ [الأحزاب] فالله تعالى هو الّذي أمرنا أنّ نصلِّي عليه ﷺ؛ توقيرًا له، وإظهارًا لشرفه، وإعلاء