Smash Your Idol and Be Small in Your Eyes
حطم صنمك وكن عند نفسك صغيرا
Maison d'édition
مؤسسة اقرأ للنشر والتوزيع والترجمة
Genres
مع النفس
حقيقة التواضع مع النفس هو استصغار المرء لها، ورؤيتها بعين النقص، كحال موسى ﵇ عندما استصغر نفسه، واستكثر أن يتحمل الرسالة بمفرده ﴿وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ﴾ [القصص: ٣٤] مع أن الواقع يدل على أنه ﵇ قد قام بها على خير وجه.
وهذا إبراهيم ﵇ يقول في دعائه: ﴿وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ﴾ [الشعراء: ٨٢] قال الشوكاني: وإنما قال ﵇ ذلك هضمًا لنفسه (١).
وتأمل ما قاله يوسف ﵇ في مناجاته لربه: ﴿تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ﴾ [يوسف: ١٠١]، وكانت أحب كلمة تقال لعيسى ﵇: كان هذا المسكين (٢).
وكذلك كان رسولنًا ﷺ، يقول القاضي عياض: وحسبك أنه خُيِّر بين أن يكون نبيًا ملكًا أونبيًا عبدًا، فاختار أن يكون نبيًا عبدًا، فقال له إسرافيل عند ذلك: فإن الله قد أعطاك بما تواضعت له أنك سيد ولد آدم يوم القيامة، وأول من تنشق الأرض عنه، وأول شافع (٣).
ومن صور تواضعه مع نفسه قوله ﷺ: " رحم الله أخي يوسف لو أنا أتاني الرسول بعد طول الحبس لأسرعت الإجابة حين قال: ﴿ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ﴾ (٤) [يوسف: ٥٠].
(١) فتح القدير. (٢) الزهد للإمام أحمد ص ٩٤. (٣) الشفا للقاضي عياض ١/ ١٠٥. (٤) صحيح، أخرجه الإمام أحمد في الزهد وابن المنذر، وصححه الألباني في صحيح الجامع ح (٣٤٩١).
1 / 127