الفصل السادس عشر
غاب إيفان نصف ساعة ثم عاد، فسأله جريجوار: ما وراءك يا إيفان؟
قال: مولاتي تتبعني.
وللحال سمع صوت فاننكا تقول لوصيفتها: ادخلي يا أنوشكا، واسألي جريجوار هل لديه أحد من خدامنا؟
فبهت الحاضرون لما تبينوا الصوت، ونظروا إلى بعضهم مندهشين بين مصدقين ومكذبين، أما إيفان فاضطجع على مقعد معجبا بنصرته، مداعبا بيده شعر لحيته.
وفتحت أنوشكا باب الحان، فرأى الجالسون الجو ملبدا بالغيوم، والجليد يتساقط كالقطن المنفوش، ثم التفتت الوصيفة لسيدتها قائلة: ليس هنا يا مولاتي إلا أخي وصاحب الحان، وإسكندر ودانيال والخادمان.
فدخلت فاننكا وبيدها زجاجة من الخمر، والتفتت إلى الحضور قائلة: بلغني - أيها الخلان - أنكم تشربون نخبي؛ فأحببت أن آتي بنفسي لأشرب نخبكم أيضا، فدونكم هذه قنينة من نبيذ فرنسا العتيق، فمدوا إلي الكئوس؛ لأسقيكم من هذا الرحيق.
فمد الحاضرون كئوسهم متعجبين هائبين، ومد من بينهم إيفان كأسه بكبر ووقاحة، فصبت فاننكا الخمر حتى أفعمت الكئوس، ولما رأت تردد الخدم في شربها هيبة وحياء شجعتهم قائلة: في صحتي أيها الأحباب.
فرفع الخدام الكئوس بحماس، وقد اطمأنوا لرقة صوتها وملاطفتها فصاحوا: في صحة مولاتنا الكريمة.
وشربوا الأقداح، فملأتها لهم فاننكا ثانية، ثم وضعت أمامهم الزجاجة قائلة: دونكم - أيها الإخوان - فاشربوا ما في هذه القنينة، ودعوني ووصيفتي نتدفأ بجانب الموقد.
Page inconnue