Sirat Muluk Tabacina
سيرة الملوك التباعنة: في ثلاثين فصلا
Genres
ولما كانت شامة مدركة لأبعاد ومخاطر رفضها لمثل هذا الزواج، ومدى ما سيجلبه تعنتها هذا من أحداث انتقامية بشعة ستحط بكاملها على كاهل والدها المثقل، بل المدينة جميعها عن بكرة أبيها، فقد حطت عليها الأحزان الثقيلة السوداء، وهي التي تنتظر دون طائل أو حتى بصيص أمل الزواج يوما بمن يهفو إليه قلبها، منذ أن تفتحت عيناها عليه. - سيف اليزن.
إلا أن عين سيف بن ذي يزن، لم تغفل يوما عن إحاطة شامة بكل حماية ورعاية.
فلم تنقطع عنها رسله ورسائله إليها، يخبرها بمكامنه ومخابئه المتغيرة الجديدة أولا بأول، وبحنينه الجارف إليها: «فمن أجل عينيك يا شامة، أحارب الشر.»
مجددا على الدوام عهده لها بالزواج منها قائلا: «عقب خلاصنا من أرعد وعدوانه معا.»
وكانت شامة في وحدتها الجديدة التي فرضتها على نفسها، تحلم طويلا باليوم الذي يحقق فيه حبيبها - سيف - انتصاره على ذلك الكابوس الشرير الظالم سيف أرعد، لكي يصبح لحبهما مكان في هذا العالم الواسع. «فكيف لأزهار الحب ووروده أن تنبت وتينع في مستنقع سيف أرعد وإذلاله وظلمه.»
تساءلت ممددة على فراشها تعاني آلامها وحسرتها مما يحدث ويجري: حقا، كيف لأي نبت أن يزهر مع ناشر الجوع والعطش ذاك؟ إلا أن «شامة» سرعان ما كانت تعاود تفاؤلها واستبشارها، كلما وصلتها أخبار الانتصارات المتواترة التي أصبح يحرزها سيف بن ذي يزن ضد سيف أرعد ووزيره العجوز المتآمر سقرديون.
وكانت تشارك جماهير مدينتها السرية من أرعد ورعونته وجنونه الذي يصل به إلى حد ضرب وزيره «بالنعال»، كلما تفوق عليه سيف ورجاله من داخل حدود الحبشة ذاتها، وهو ما أحاله إلى معجزة ومنارة أمل أصبح ينشدها الجميع في كل مكان وموطن.
فكانت شامة تراسله ناقلة إليه مدى حب واستبشار الناس - بسيف وأتباعه - رافعة من معنوياته مشددة من ساعده الضارب، متشوقة لرؤياه.
هنا كان يبعث إليها سيف، بكتيبة من رجاله، تنقلها إليه إلى أقرب مخابئه من مدينة أفراح، ليلتقي بها مسرعا، فيمضيان معا، لحظات خاطفة تعود هي بعدها منشدة لنفسها: «يا مظني الشوق أنا قلبي صبح عن الدم آدي سنه حول، وأنا اللي عيشتي على الدم، جاني طبيبي وسمعني الكلام ع الدم وإن أذن الله، طابت مني أنا الجروح حا ألبس ثياب الهنا تشع منه الروح، وإن جا عزولي أقوللو: من هنا قوم روح فتحت لجروح وكانت كاتمة ع الدم.»
وتنشد لنفسها:
Page inconnue