Sirat Muluk Tabacina
سيرة الملوك التباعنة: في ثلاثين فصلا
Genres
هنا يمضي الملك أرعد يمزق جلد وجهه ألما مما يحدث ويسمع وينشر الفزع بين قادته وأبنائه وجنوده، ولا يملك سوى التقهقر المزري عائدا، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من غرق وحرائق، متوعدا بالإمساك بأعدائه من الداخل دون طائل. - التبع الجديد وأعوانه، ولا أحد غيرهم.
وكان أقرب أولئك الأعوان بالطبع «ملك مدينة أفراح» الذي تربى فيها - سيف - وأمضى طفولته ومطلع صباه.
وكان وزير الملك المقرب «سقرديون» يضرم في كل مناسبة، وعقب كل واقعة نيران حقد أرعد أكثر فأكثر على ملك أفراح وابنته العاشقة للتبع «شامة» إلى حد رفضها الزواج بيانا جهارا من ابن الملك سيف أرعد الأكبر، الذي يحبها بدوره إلى حد الجنون.
وهنا توافق قرار الملك سيف أرعد مع وزيره سقرديون، في أهمية التأني في تخريب عاصمة التباعنة - أحمرا - وأسر ملكتها قمرية، إلى حين الانتهاء من تطهير بلاد الحبشة ذاتها من الجيوب المقوضة والمتآمرة، التي تحسن الطعن في الظهور إلى حد القتل. - خونة، وأولهم هنا ملك أفراح وابنته التي قد تقودهما إلى موطن «التبع الخفي». - سيف.
هنا سأل الملك ممرورا وزيره سقرديون وهو ينهض ليواجه أمواج النيل المتلاطمة أمامه: ما العمل؟ أنعاود من جديد قطع الماء عن أفراح؟
أجابه سقرديون في حزم: ليعيده من جديد التبع ويتزايد حب الناس في تلك البلاد لمنقذهم من العطش والجفاف، وبالتالي ستتزايد شعبيته أكثر فأكثر.
واجهه الملك منفعلا: إذن ماذا ترى يا سقرديون؟ - أرى اقتطاع شامة ذاتها. - كيف؟ - اختطافها لمعرفة أسراره ومكمنه بكل الوسائل.
وكانت شامة ابنة ملك أفراح قد قللت في الأيام الأخيرة من اتصالاتها بسيف بن ذي يزن، كما اعتادت في السابق، وذلك استجابة لطلب ومخاوف أبيها الذي تضاعفت عليه مؤامرات سقرديون وملك الأحباش، خاصة عقب رفضها الزواج من ابن «سيف أرعد» ووريثه.
ووصل بها الغضب إلى حد إعلانها الانضمام إلى سيف ورجاله عيانا جهارا؛ إذ لم يكف والدها عن مطالبتها بالرضوخ والزواج الأقرب إلى الأسر من ابن ملك الأحباش، مما قد يدفع بها أيضا إلى حرق نفسها. - فسياط النيران ستكون أكثر رحمة على بدني وروحي من ذلك الزوج المدلل الفاجر.
وإزاء هذا التهديد الذي يعرفه الأب عن ابنته - شامة - كما يعرف قدرتها على تنفيذه، لم يملك سوى التراجع، وإبلاغ سقرديون برفضها.
Page inconnue