وكان يمين الصاحب لجلوسه، فيه، ويساره لقاضي القضاة، وكان أخوه السيد أبو طالب يختار الجلوس دون قاضي القضاة، ولايجلس دون أخيه لما بينهما من التنافر، فكان الصاحب يريد أن يصطلحا فلم ينجح فيهما، حتى قال لهما في بعض الأوقات: نصحت لكما فلم تقبلا فشأنكما وما قد شانكما. وكان لايرفع فوق المؤيد أحدا إلى أن قدم العلوي رسولا من خراسان، وكان محتشما عند السلطان ملك الترك الخان الأكبر، مبجلا عنده حتى أن الصاحب استقبله، فلما دخل عليه أجلسه عن يمينه، فلما دخل المؤيد بالله رآه على مكانه فتحير، فأشار إليه الصاحب أن يرفع إلى السرير الذي استند إليه الصاحب، فصعد المؤيد بالله إلى السرير وجلس في الدست الذي عليه، ووقع بينه وبين قاضي القضاة وحشة، واستزاده بسبب مسألة الإمامة، فتقاعد عن لقائه حدود شهر حتى ركب إليه قاضي القضاة. وقال له: قد بلغك حديث جدك الحسن بن علي وأخيه الحسين، وقول الحسين: لولا أن الله فضلك في السن علي حتى أردت أن يكون السبق لك إلى كل مكرمة لسبقتك إلى فضل الاعتذار، فإذا قرأت كتابي هذا فاسبق إلى ماكتب الله لك من حق السبق، والبس نعلك، وقدم في العذر والصلح فضلك، فقال المؤيد بالله: قد أطاع قاضي القضاة أيضا فضل شهمه وعلمه وعمل بمقتضى مازاده الله من سهمه، واعتنقا، وطالت الخلوة والسلوة بينهما.
وكان الصاحب يقول: الناس يتشرفون بالعلم والشرف، والعلم يتشرف بقاضي القضاة، والشرف ازداد شرفا بالشريف أبي الحسين.
Page 7