غير ذلك فيحق ما فعلت لأننا يا مولانا لم نقم بشئ من واجبك ولم تكن لنا معرفة بك حتى عرفنا باسمك هاتف بالأمس وزجرنا زجرا شديدا وأخبرنا بك وباسمك وأعلمنا بأنك البطل الصبور زوج البتول وابن عم الرسول مفرق الكتائب ومظهر العجائب الحسام القاضب الأسد الطالب ليث بني غالب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ثم إن جنبل بن وكيع أنشد يقول أنت الذي بفعالك يضرب المثل * ومن قبالك يخشى السهل والجبل أنت المنكس رأس القوم من فزع * بذي الفقار ونار الحرب تشتعل من سالموك ففي عيش وفي رغد * ومن يعاديك مقضى دونه الامل فان عفوت فأهل العفو أنت * وان هلكت يا ضرغام يا بطل الحق لاح بنا لما حللت بنا * وفي يديك رجاء الخوف والأمل (قال الراوي) فلما سمع كلام جنبل بن وكيع تبسم الامام ضاحكا من قوله لأنه فصيح اللسان وقال له يا ويحك من ذلك علي اسمي فاعلمه جنبل بقول الهاتف وما كان من امره فعند ذلك نظر الامام إليهم فرأى أحوالهم قد مالت إلى الاصفرار من شدة ما أصابهم من الخوف من هيئة الامام رضي الله تعالى عنه فلما رأى الامام كرم الله وجهه منهم ذلك قال لهم أبشروا يا قوم بما يسركم فنحن باب السلامة ولنا الشفاعة في الناس يوم القيامة دونكم وسايقتكم وليأخذ كل واحد منكم ما كان يرعاه لسيده وارجوه على مكانكم فعند ذلك ردت ألوانهم إلى الاحمرار ونهض كل واحد منهم واخذ ما كان يرعاه لسيده ثم قبلوا نحو الامام كرم الله وجهه وقالوا يا سيدنا الا تستعين بنا على أمورك وتستنهضنا في حوائجك لنا جزيل على بعض وان كنا لا ندرك مداركك فصرفنا يا مولانا إلى أين تريد والى من تكيد فقال لهم الامام يا قوم اني أريد صاحبكم الملك الهضام الجحاف وصنمه المنيع الذي فتن به العباد فنظر القوم عند ذلك بعضهم لبعض وقالوا يا فتى من كانت هذه الفعال فعاله ما يبعد عليه ما يطلبه ولكن صاحب الهضام في جمع غفير وعسكر جسيم وحصون ما نعمه فدبر ذلك بحسن رأيك وها نحن معك فيما تريد ان استعنت بنا أعناك لما وليتنا من الاحسان والتكريم
Page 30