319

La vie d'Abi Tayr

سيرة أبي طير

فأما الفقيه عيسى فقد بلغنا عنه أنه ليس جاهل، وأصلح حاله عاقل، ونحن بعد ذلك حيث يسره ويسرك فيه، وأما القضاة الأجلاء آل أبي النجم فقد علت منزلتهم وعظمت مصيبتهم حتى تصورنا أن مثل ما فعلنا لأحد الناس لا ينعش خلتهم ولا يشفي علتهم، ولا ينفع عليهم، هذا ولم يمض من الوقت ما نعد به غافلين أو مقصرين، وقد أصاب الحضرة في الكلام في حقهم، وإنما هذا عذرنا فلا نتصور غيره.

وأما الشهيد يحيى بن عطية رحمه الله فالثأر فيه لنا مخلفة من الضعفاء علينا والله المستعان على أمره، ونحن نعلم الحضرة أنا نأمرها بأن تأمر وتنهى وتشد على السفهاء وتبصر الأمراء بطرق الهدى، ومن عثر قالت له: لعا ولم [108أ-أ ] تقل له سحقا وتعسا، ونأمرها أن تقبض كتبنا منهم من عهود ومطالعات وغير ذلك لتعلم أنا نقفوا ملة محمد، وإبراهيم صلوات الله عليهما وعلى آبائنا، وأنا نسير إلى الدين القويم على الصراط المستقيم، ونأمرها بترك العجلة ومجانبة الحدة، ونوزعها أنا قائمون بكل حق لها علينا أو على غيرنا، ونشعرها أن كلما توجه من مشورة أو شفاعة لم نبعد عنها فيه، ونحقق لها أن أهل المعدة -يعني الحدادين- هم الذين قتلوا قتلانا وأباحوا حمانا، ولم يتركهم العدو قبل ذلك رحمة، وإنما رجعوا عنهم عجزا وذلا، فلما عملت الدراهم وقلت حمانا الأكارم، انتهزونا الفرصة وأوطأهم العرصة، وقالوا: حيدي جياد لا طاقة لنا بالأكراد والأجناد {قد يعلم الله المعوقين منكم والقائلين لإخوانهم هلم إلينا ولا يأتون البأس إلا قليلا أشحة عليكم فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم كالذي يغشى عليه من الموت فإذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنة حداد أشحة على الخير أولئك لم يؤمنوا فأحبط أعمالهم وكان ذلك على الله يسيرا}، وإنما وسعنا للحضرة في الكلام بعض توسعه؛ لأن كلامها احتملته فأردنا أن نزيد لهما إيضاحا في الحجة ولغيره وضوحا في المحجة، والسلام عليها وعلى كافة المسلمين قبلها، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم.

Page 333