316

La vie d'Abi Tayr

سيرة أبي طير

وأما ما ذكرته من رحائها فينا فهو رجاء صادق متمكن فإن رأت منا في نفسها تقصيرا حملته على أحسن وجوهه، وسألتنا عن حكمه واستنهضتنا في أمره فإن الذكرى تنفع المؤمنين، أو رأت من غيرنا إساءة في حقها حملتنا على أن لا نراضى تلك الإساءة وسألتنا النصرة وأمهلتنا مدة التمكين والقدرة ولم نحمل ذنوب المجرمين وفعل السفهاء [107أ-أ]الجاهلين على أئمة المسلمين وخواص أهل الدين فإن أمير المؤمنين عليا عليه السلام برىء من معرة الجيش إلا شبعة المضطر، وقد فعلت جيوش النبي صلى الله عليه وآله وسلم كخالد وغيره، وجيوش الصحابة ما فعلت وكان أهون سير عمر بن الخطاب في إبطال إمارة خالد عند أبي بكر الوصف فلم يقبل منه ولا قدح ذلك في أصول الولايات ولا اعترض أحكام الإمارات وهم خير من أهل الزمان أصولا وفروعا، وأوسع منهم معقولا ومسموعا، فما جرموا بذلك الأنبياء ولا الأئمة، ولا اعترضوا به صالح الأمة، بل ألحقوا كل جان حكمه، وحملوا كل مجرم جرمه، وقام النبي صلى الله عليه وآله وسلم بما لزمه، وحكم الولي بما علمه، والحضرة أعلى من أن تجرمنا بفعل جاهل لا يعلمه أو تحملنا ذنب مذنب لا نعرفه، فأما القيام بما يتوجه علينا في ذلك من أدب أو تضمين جان فنحن حيث يسرها سواء تتعلق ذلك بها أو بغيرها.

وأما ما ذكرته من العفو عن المدنيين والتجاوز عن المسيئين، فعندنا أنا قد سلكنا مسالك العفو مالم يسلكه من تقدمنا من الآباء الأكرمين، أليس النبي صلى الله عليه وآله وسلم قتل أبا عزة في المرة الثانية وقال: ((لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين)) وقال علي كرم الله وجهه لأهل النهر: أيكم قتل صاحبي سلموه لي؟ فقالوا: كلنا قتله. وليس كلهم قتله وإنما قالوا عصبية وحمية ولم يقل له هلا عفوت.

Page 330