ولما استقر أمير المؤمنين في الجنات اضطربت أمور المفسدين في الجهات المغربية ثم أمر أمير المؤمنين بالعساكر إلى نواحي المغرب مادة للأمير علم الدين أحمد بن القاسم بن جعفر وكان ذلك الزمان قحط وشدة في البلاد المغربية فأول من قدمه أمير المؤمنين ابن العمر الشريف الأمير الكبير المجاهد جمال الدين تواران بن القاسم بن محمد الحمزي في عسكر كثيف فأقام مدة أيام.
قال السيد شرف الدين أيده الله تعالى: ثم أمرني أمير المؤمنين بالنهوض إلى بين يديه فنهضت في عساكر متكاثرة من صناديد [87أ-أ] العرب من ذيبان والصيد وغيرهم، فلما وصلنا إلى بين يديه إلى المخيم المنصور بالجنات لم يلبث أن أمرنا بالمسير إلى نواحي المغرب فسرنا يومنا ذلك حتى أمسينا قريبا من قاعة، ثم نهضنا ثاني ذلك اليوم وثالثه حتى بلغنا حجة، وتقدمنا إلى الأمير علم الدين إلى جهة المخلافة، ولما علمت قدم بوصولنا أجمعو على أخذ الحصن المعروف الحطب خوفا من اتصال العسكر به وقد كان صاحب جفيل وعولي مشفقين من لزم الحطب فما لبث القوم أن أجمعوا جمعا عظيما ولم يشعر أهل الحصن في آخر الليل إلا بالقوم فقاتلوهم قتالا عظيما حتى أثخنوهم بالجراحات وقاتل أهل الحصن قتالا عظيما وحجزت قدم بيننا وبين المادة في طرق وعرة وشواهق متعسرة، فلما أيقن أهل الحصن أنه لا طاقة لهم ولا مادة تتصل بهم دعوا بالسلم فأخرجهم القوم سالمين واستولوا على المكان، وفي خلال ذلك بلغ العلم والبشارات إلى حصن الموقر المحروس بتسليم براش صنعاء وضربت البشارات، واستر المسلمون بذلك اليوم وسار الخبر إلى التهائم وغيرها.
Page 275