Le journalisme : une profession et une mission
الصحافة حرفة ورسالة
Genres
ولنضرب مثلا على الأجنبي في مصر بواحد منهم جعل الصحافة المصرية هذرا وهذيانا، يجمعون منها قروش العامة ويثرون، بينما عبد القادر حمزة ومحمد التابعي وعباس العقاد وحافظ عوض وتوفيق دياب ومحمد أبو طايلة وأحمد حلمي وغيرهم، تقصف أقلامهم وتخرب بيوتهم.
كان هذا «الأستاذ» يكتب في المجلات الأجنبية قصصا يتكرر بعضها عشر مرات أحيانا عن فتح الله بركات باشا، الذي يختلف عن سائر الناس أجمع من حيث إنه لا يأكل المدمس وانما هو يغمس اللقمة في مرق المدمس فقط، ويذكر «الأمير» فاروق فيقول عنه: إنه لا يخاطب جلالة والده أو والدته بقوله «يا صاحب الجلالة» أو «يا صاحبة الجلالة»، وإنما يقول كما يقول سائر الأطفال في العالم: يا «بابا» ويا «ماما»، ثم يذكر الامير عمر طوسون فيقول عنه: إنه يدخن الشيشة قبل الظهر ويدخنها أحيانا بعد الظهر وأحيانا لا يدخنها قبل الظهر أو بعد الظهر، ثم هو - أي الأمير - يأكل في الغذاء أكثر من العشاء، وأحيانا يأكل في العشاء أكثر من الغذاء.
ثم يقول إن الأستاذ لطفي السيد تقابل مع علي الشمسي باشا فبدلا من أن يبدأ التحية علي باشا بدأها الأستاذ لطفي السيد.
هذا هو الكاتب المثالي الأجنبي الذي كان يكتب للعامة هذا الهذر ليضعف عقولهم، بينما كتابنا المخلصون كانت أقلامهم قد قصفت، وكان بعضهم يبحث عن عمل آخر غير الصحافة يمكنه أن يعيش منه دون أن يتعرض للجوع.
وفي سنة 1930 أصدر إسماعيل صدقي باشا قرارا بإقفال ثلاثة مصانع مصرية، هذه المصانع هي: (1) «البلاغ» لصاحبه عبد القادر حمزة. (2) «الكوكب» لصاحبه أحمد حافظ عوض. (3) «اليوم» لصاحبه توفيق دياب.
وكل من هذه الجرائد كان مصنعا يحتوي على آلات كبيرة، ومواد كيماوية، ويحتاج إلى عمال ميكانيكيين وكيماويين يفهمون الآلات ويدرون بالأصباغ، ولا يمكن لأحد هذه المصانع أن يرتقي ويبلغ درجة من الإتقان تجذب عين القارئ إلا بعد تجارب وتضحيات كبيرة، وقد كان يعيش في كل من هذه الجرائد وحولها نحو خمسمائة أسرة مصرية.
ولكن هذه المصانع المصرية أقفلت، فوثبت الصحف المحايدة الأجنبية إلى الأمام وأخذت مكانها، والجريدة ترسخ بالزمن لأنها مصنع يرتقي بالتجارب الفنية، والزمن وحده هو الذي يجعلها تنال حظوة التجار في الإعلان عن بضائعهم، والتاجر لا يمكنه أن يأتمن جريدة على إعلانات وهي معرضة للموت في أي يوم.
وهذه الخطة في إقفال الجرائد المصرية قد مضى عليها عشرون سنة بل أكثر، وكانت تسير نحو هدم الصحافة باعتبارها صناعة مصرية وإحيائها باعتبارها صناعة أجنبية، حتى بتنا نحن الصحفيين المصريين نرى الهزيمة واضحة في جانبنا والفوز ظاهرا في جانب الأجانب، وبينما كانت الحكومة تسن القوانين لمساعدة المصانع الأخرى، تعمد إلى المصانع الصحفية المصرية فتقتلها؛ فكنا في حاجة إلى تغيير الخطة كلها للمحافظة على هذه الصناعة .
ونحن نضرب مثلا عن شناعة هذه الخطة بجريدة البلاغ، فهذا «البلاغ» قد اشترى في سنة 1930 ماكينة للطبع لا يقل ثمنها عن سبعة آلاف جنيه ويبلغ قسطها الشهري 700 جنيه، وكانت هذه الماكينة تستطيع إخراج البلاغ بالألوان والصور، وقد عطله إسماعيل صدقي بعد تجارب مضى عليها أشهر، كانت كلها خسارة في انتظار الربح القادم، أي لما أوشك كل شيء أن يتم وبعد التضحيات الكثيرة عطلت الجريدة، ولم يكن على الأستاذ عبد القادر حمزة سوى أن يبيع هذه الماكينة بأبخس ثمن أو أن يعلن إفلاسه، وفي إفلاسه إفلاس العمال الذين تعلموا هذه الصناعة، بل إفلاسنا جميعا.
ثم كانت إحدى الجرائد الأجنبية التي تسير مع كل حزب وتجري مع كل ريح، وتضحك منا جميعا، قد اشترت ماكينة للطبع بالألوان أيضا ونجحت بها، ولم تخش الجريدة الخسارة لأن صاحبها لم يصدم بأية قوة غالبة في البلاد، وعندما عاد البلاغ إلى الظهور كانت الصحف الأجنبية المتفرجة قد رسخت ونالت حظوة القراء، وحظوة التجار في الإعلانات، فلم يستطيع البلاغ أن يزحزحها عن مكانها.
Page inconnue