Martyrs de l'intolérance
شهداء التعصب: رواية تاريخية وقعت أكثر حوادثها في فرنسا على عهد فرنسوا الثاني ملك فرنسا المتوفى سنة ١٥٦٠م
Genres
قال: لنضرب المتآمرين أولا، ثم نرى كيف نتخلص من الأمير، ولعلنا نجد من الأسرى من يخونه. - وإذا لم نجد فيهم خائنا أو لم نجد بينهم متهما للأمير؟ - ألا تحسب حسابا للاستنطاق يا أخي، على أننا سوف نحصل من الملك على ما نبتغي، والفضل يعود إلى ماري، فهل رأيت الملك لما كان يحملق إليها بصره اليوم في الكنيسة؟ - نعم، ولا خوف علينا من هذا الهوى، فإن الطبيب (فرتل) أكد لي أن فرنسوا لا يعقب وارثين.
وفيما كان أميرا لورين يتكلمان بهذا الكلام عن بكر هنري الثاني وهو المحسن إليهما، انفتح باب الحجرة التي كانا فيها، وقال أحد الحراس: الملك!
ودخل الملك فخاطب الدوق قائلا: عجبا منك يا ابن العم، ما أراك مستعدا للذهاب إلى الصيد والقنص؟ - إننا لا نذهب إلى الصيد والقنص في هذا النهار أيها الملك. - ولكنني أشعر بضجر وسأم إذا لم تكن معي، ولئن لم تصحبني فإن ماري تكتئب وتقطب وجهها. - لا شك أنني لم أحسن الإيضاح أيها الملك، إذ قلت لك إننا لا نذهب إلى الصيد والقنص في هذا النهار، وإنما أردت أن أقول: إن البلاط بأسره لا يذهب. - ما معنى هذا الكلام؟ ألم أصدر أمرا في هذا الصباح باتخاذ الأهبة؟ ألم يتلق ناظر الصيد ذلك الأمر أيضا؟
أجاب الدوق: لا قدرة لنا على الصيد اليوم. - ولماذا يا ابن العم المحترم؟ - لأن البرية لا أمن فيها. - أليس عندي حراسي؟ وفضلا عن ذلك فمن يجترئ على مهاجمة ملك فرنسا؟ - إن أعداءنا لا يرهبون أحدا أيها الملك. - أوضح أيها الدوق معنى كلامك، فإنني لا أفهمه.
وقد هاج الحنق الملك لحرمانه لذة الصيد في ذلك النهار، وأخذه ارتعاد، وأظلم وجهه إلى أن قال الكردينال مستمهلا متأنيا في تلفظه: لقد اكتشفنا اليوم مؤامرة. - قال الملك: ومن يدبرها ويديرها؟
أجاب: لم ندر حتى الآن. فإن للمتآمرين زعيما نجهله، وهم خاضعون الآن لواحد من أشراف بلاط الملك. - من هو؟ - هو لارنودي على الغالب. - إن لارنودي روح ابن عمي كوندة ويده اليمنى! - لسنا نتهم أمير كوندة أيها الملك. - وإنك لمخطئ يا عماه؛ لأن ابن عمي كوندة مدبر تلك المؤامرة، ولا يخفي علي ذلك، ولكن على أي أمر عزمتما، وماذا تصنع؟ إني أراكما مطمئنين كأنه لا خطر علي! ألا جرد سيفك يا عماه وهجوما على العدو!
ولقد احتدم الملك فأثر فيه احتدامه، فترامى على كرسي وهو يلهث تعبا، ثم أصيب بحمى مفاجئة، فظهرت على وجهه بقع صفراء، وانسكب العرق من جبينه، ولمعت عيناه وتاه بصره، وجعل يده على سيفه وهو لا يقوى على تجريده. فنظر الدوق وأخوه إلى ذلك الفتى العليل البدن، ثم همس الدوق في أذن أخيه يقول: إذا أشبه بنو «فالوي» هذا الشاب الضعيف فإن سلالتهم تنقرض في القريب العاجل.
وقال الملك فرنسوا الثاني: ماذا نفعل أيها الدوق؟ - نرتحل عن بلوا. - أنتقهقر أمام أعدائنا؟ - كلا أيها الملك، ولكن نخادعهم، والحرب خدعة، ولا بد أن يصلوا بعد أيام إلى أسوار بلوا، فلا يجدون فيها أحدا منا فيفسد قسم من تدبيرهم، وإذ ذاك يلحقون بنا إلى أمبواز؛ لأننا سائرون إليها، ومعلوم أن أمبواز محصنة، وفيها يسهل علينا الهجوم فنسحق المتآمرين سحقا قبل أن يتمكنوا من الوصول إلينا. - أنقبض على الأمير؟ - إنا لا نزال نجهل أيها الملك توليته رئاسة القوم.
وإذ ذاك سمعوا وقع حوافر خيول في إيوان القصر تحت نوافذ الكردينال، فأطل الملك من النافذة، ورفع صوته مناديا ابن عمه أمير كوندة؛ لأنه رآه تحت النافذة وقد وصل ساعتئذ من باريس، وقد نهكه التعب. فدخل وانحنى أمام الملك، فقال له بلهجة تشف عن تهكم: لماذا تركتنا؟ ألا تجد الآنسة دي ليمول كافية لمكثك في بلاطنا؟
أجاب: لقد كنت في الصيد أيها الملك مع بعض رجالي، وفكرت في أن وجودي عندك لا يفيد.
Page inconnue