تَأْوِيل مَا أشكل من هَذِه الْأَحَادِيث
جَاءَ فِي حَدِيث حُذَيْفَة أَعور الْعين الْيُسْرَى وَفِي حَدِيث ابْن عمر أَعور الْعين الْيُمْنَى فأشكل الْجمع بَين الْحَدِيثين على طَائِفَة من الْعلمَاء حَتَّى إِن أَبَا عمر بن عبد الْبر قَالَ فِي التَّمْهِيد وَفِي حَدِيث سَمُرَة بن جُنْدُب أَن نَبِي الله ﷺ كَانَ يَقُول الدَّجَّال خَارج وَهُوَ أَعور عين الشمَال عَلَيْهَا ظفرة غَلِيظَة وَأَنه يُبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الْمَوْتَى وَذكر الحَدِيث بِتَمَامِهِ فَفِي هَذَا الحَدِيث أَعور الْعين الشمَال وَفِي حَدِيث أنس بن مَالك أَعور الْعين الْيَمين وَالله أعلم وَحَدِيث مَالك أصح من جِهَة الْإِسْنَاد وَلم يزدْ على هَذَا قَالَ الْقُرْطُبِيّ فِي كتاب التَّذْكِرَة وَقَالَ شَيخنَا أَحْمد بن عمر فِي كتاب الْمُفْهم لَهُ وَهَذَا اخْتِلَاف يصعب الْجمع فِيهِ بَينهمَا فَقَالَ جَمِيع الرِّوَايَتَيْنِ عِنْدِي صَحِيح وَهُوَ أَن كل وَاحِدَة مِنْهُمَا عوراء من جِهَة مَا إِذْ العور من كل شَيْء هُوَ الْمَعِيب والكلمة العوراء هِيَ المعيبة فالواحدة عوراء بِالْحَقِيقَةِ وَهِي الَّتِي وصفت فِي الحَدِيث بِأَنَّهَا لَيست بجحراء وَلَا ناتئة وَلَا ممسوحة ومطموسة وطافئة على رِوَايَة الْهَمْز وَالْأُخْرَى عوراء لعيبها اللَّازِم لَهَا لكَونهَا جاحظة أَو كَأَنَّهَا كَوْكَب دري أَو كَأَنَّهَا عنبة طافية بِغَيْر همز وكل وَاحِدَة مِنْهُمَا يَصح فِيهَا الْوَصْف بالعور بِحَقِيقَة الْعرف والاستعمال أَو بِمَعْنى العور الْأَصْلِيّ
قَالَ قَالَ شَيخنَا وَحَاصِل كَلَامه أَن كل وَاحِدَة من عَيْني الدَّجَّال عوراء إِحْدَاهمَا بِمَا أَصَابَهَا حَتَّى ذهب إِدْرَاكهَا وَالثَّانيَِة عوراء بِأَصْل خلقهَا مَعِيبَة لَكِن يبعد هَذَا التَّأْوِيل أَن كل وَاحِدَة من عَيْنَيْهِ جَاءَ فِي وصفهَا فِي الرِّوَايَة بِمثل مَا وصفت بِهِ الْأُخْرَى من العور فَتَأَمّله
قَالَ الْقُرْطُبِيّ مَا قَالَه القَاضِي وتأويله صَحِيح وان العور فِي الْعَينَيْنِ مُخْتَلف كَمَا تبين فِي الرِّوَايَات فَإِن فِي حَدِيث حُذَيْفَة وَأَن الدَّجَّال مَمْسُوح الْعين
1 / 79