وأما قوله: "كيف أطاعها على ذلك عشرات ألوف من المسلمين وساعدوها على حرب أمير المؤمنين، ولم ينصر أحد منهم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم لما طلبت حقها من أبي بكر رضي الله عنه، ولا شخص واحد كلمه بكلمة واحدة"؟
فيقال أولا: هذا من أعظم الحجج عليك، فإنه لا يشك عاقل أن القوم كانوا يحبون رسول الله صلى الله عليه وسلم ويعظمونه ويعظمون قبيلته وبنته أعظم مما يعظمون أبا بكر وعمر، ولو لم يكن هو رسول الله صلى الله عليه وسلم. فكيف إذا كان هو رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي هو أحب إليهم من أنفسهم وأهليهم؟ ولا يستريب عاقل أن العرب - قريشا وغير قريش - كانت تدين لبني عبد منافق وتعظمهم أعظم مما يعظمون بني تيم وعدي، ولهذا لما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: حدث عظيم، فمن ولي بعده؟ قالوا: أبو بكر قال: أو رضيت بنو عبد مناف وبنو مخزوم؟ قالوا: نعم. قال: ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، أو كما قال.
ولهذا جاء أبو سفيان إلى علي فقال: أرضيتم أن يكون هذا الأمر في بني تيم؟ فقال: يا أبا سفيان، إن أمر الإسلام ليس كأمر الجاهلية، أو كما قال.
Page 55