في علة تحريمه، حسن تسميته قياسًا، ولم يمنع [منه] كونه جليًا، سابقًا إلى الفهم، مستغنيًا عن الاستنباط والنظر -بعد وقوع المشاركة. فكون القياس مظنونًا أو مشكوكًا فيه ليس من حد القياس؛ وإنما القياس عبارة عن «إثبات مثل حكم الأصل في الفرع، لمشاركته إياه في العلة». ثم ينقسم إلى معلوم إلى مظنون؛ والمظنون ينقسم إلى جلي وخفي؛ والمعلوم ينقسم إلى أولي بديهي، وإلى فكري نظري.
فما كان مقدماته جليًا سابقًا إلى الفهم: لم يفتقر فيه إلى نظر وتفكر؛ وهذا -إن تخيل -استناد العلم به إلى نفس اللفظ، لا إلى فهم علة حكم الملفوظ [به]. ولم يخل إما أن تكون دلالته من حيث اللغة، وإما أن تكون دلالته من حيث العرف؛ وباطل أن يتخيل دلالته من حيث اللغة، إذ قول القائل: لا تقل له أف؛ ليس موضوعا للنهي عن الضرب لغة، إذ يجوز أن يقول الملك -المستولى على [واحد من] الأكابر -لغلامه: لا تقل له أف، ولا تنهره ولا تقطع يده، ولا تفقأ عينه، واقتله»،
1 / 54