Shaytan Bantaur
شيطان بنتاءور: أو لبد لقمان وهدهد سليمان
Genres
على أن لهذه المحاورات دلالة أخرى على فن شوقي الشاعر الناثر القاص، فهو قد أنشأها - في سنة 1901م - وهو لم يزل بعد شابا في الثلاثين أو قريبا من ذلك، قبل أن يتم تمامه في الشعر والنثر والقصة، فهي من هذه الناحية أمارة واضحة على مدى التطور الذي نال فن شوقي فيما تلا ذلك من سنين تزيد على الثلاثين، وهي إلى ذلك أمارة على شيء آخر، يتصل برأي شوقي في أحداث السياسة المصرية لعصره، منذ كان له رأي يتحدث به في تلك الأحداث.
أما بعد؛ فهذا تعريف موجز لكتاب من كتب شوقي، إلا يكن أعلاها في فنه، فإنه أصدقها في التعبير عن نفسه.
وإني إلى ذلك لأرجو أن أكون بما حققت من لفظ الكتاب، وما صوبت من نصه، وما ضبطت من كلمه، قد أديت للعربية حقا، وأوفيت لشوقي بدين.
وما توفيقي إلا بالله.
يناير سنة 1952م
مقدمة
بقلم شاعر القطرين خليل مطران
هي شذرات حكم، ونثرات فكر، صدح بها طائر مصر المحكي «أحمد شوقي» من على قمة الهرم تارة، وبين طلول منف وعين شمس طورا، وذهب بها كل مذهب، في سلسلة فصول سماها محادثات، متناولا فيها كل عبرة جليلة، وكل معنى غريب، مؤاخذا بها غضاضة مصر الآن، برفعتها فيما تقدم من الزمان، معاقبا بالرفق، محاسبا بالصدق، جعلها على لسان طائرين، هما لبد لقمان، وهدهد سليمان، ونثرها نظما، أو نظمها نثرا، بحيث هي الشعر أو أنفس، وهي الكلام المرسل أو أسلس.
ولهذا الكاتب العظيم كلف شديد بمجد الفراعنة؛ فهو لا يفتأ يذكرهم ويملأ الصحف والآثار بما يرويه عنهم من عجيب الأخبار، وإنما يريد بذلك تحريك وتر جمد في فؤاد الأمة عن التأثر للحال، فضلا عن الحقب الأول، وإحياء عاطفة في النفوس جفت لعدم تعهدها من بدء الأزل، وهكذا الشأن في الجسم والروح، والحس والمعنى؛ لا يسلم منها ما يغفل، ولا يستقيم ما يهمل.
على أننا نرى الغربيين أكثر حنينا إلى قدماء المصريين من أبنائهم، وأشد ولوعا بتعرف أسرارهم وتنسم أخبارهم؛ وذلك لأن حب البعيد لما يعلمه، أصدق من حب القريب لما يجهله.
Page inconnue