ألعابنا
هذا ثاني أيام عيد الفطر، وأنا في جدة أرى الناس يسيرون مواكب إلى ظاهر البلد، يغنون ويزمرون ويصفقون ، فأذكر ما روي في السيرة النبوية أن جماعة من الحبش دخلوا إلى مسجد الرسول في يوم عيد ينشدون، فرآهم رسول الله
صلى الله عليه وسلم
ولم ينكر عليهم. وأنه مر بجماعة من الحبش يلعبون الدركلة فقال: جدوا يا بني أرفدة حتى يعلم اليهود والنصارى أن في ديننا فسحة.
وأعجبني في هذا الموكب أن لها لعبا ولهوا ما رأيته في بلاد أخرى، فهو اختيارها وملاءمة معيشتها وبيئتها. وذكرت كثيرا من ألعابنا التي حقرناها حتى هجرناها، وفيها متعة للنفس، ونشاط للجسم. حقرناها لأنها من عاداتنا وتاريخنا لم نأخذها عن الحضارة الغربية، فآثرنا عليها ألعابا أخذتها مدننا من هذه الحضارة، وماتت ألعابنا في القرى أو كادت، ولم يستبدل الناس بها ألعابا أخرى. إن علينا أن نبقي على ضروب اللعب التي عرفتها قرانا، وأنواع الفروسية التي حرصنا عليها دهرا، فكثير منها يذهب إلى غير خلف من لعب قديم أو حديث.
إن لنا وزارة تشرف على الشئون الاجتماعية، وإن أول فروضها - فيما أرى - المحافظة على لعبنا وإصلاحه، والحث عليه والاستفادة منه في تقوية الأجسام والأخلاق. إن بعض اللعب هو في ظاهره لعب وفي حقيقة أمره جد، له في سيرة الأمم آثار بليغة.
الإثنين 2 شوال/17 يوليو
نبوغ في الكلام
روي أن الأحنف بن قيس قدم على عمر رضي الله عنه في وفد من البصرة، فوجد فيه عمر فصاحة ولسنا، وحسن حديث وفنون كلام. فلما هم الوفد بالارتحال دعا عمر الأحنف إلى التريث في المدينة أياما ليعرف حقيقة أمره، ثم أذن له في الرجوع وقال: «ما اتهمتك، ولكن رسول الله
صلى الله عليه وسلم
Page inconnue