Explication de Bukhnir sur la doctrine de Darwin
شرح بخنر على مذهب دارون
Genres
7
فمجرى الأشياء إذن واحد في التاريخ والطبيعة؛ أي إنه يحصل تغير دائم في الزمان والمكان والبشر، فيحصل تعاقب دائم بين التقدم والتأخر، والعمار والخراب، والنمو والوقوف، والولادة والموت. وأما الارتقاء الدائم فيعد من الأماني التي لا تنال، بل كل شيء يتحرك في دائرة مصمتة أشبه بالحية الرمزية التي تعض ذنبها، أو أن الأشياء تجري كما في مرسح تتغير فيه المناظر والأشخاص على الدوام، حيث يظهر أن كل شيء يتحرك بنشاط مع أنه لا يزال في مكانه.
وقد أشار أحد شعراء الألمان روكرت إلى مشهد هذا التغير في التاريخ بقصيدة غناء، جعل موضوعها سياحة أحد أشخاص ميثولوجيا الفرس، واسمه الخضر
8
في العالم، وهو نبي لا يزال حيا، ولا يفارقه الشباب، وقد التزمنا تعريبها بحسب ترتيبها، قال:
قال الخضر الشباب الأزلي: مررت ذات يوم بإحدى المدن فرأيت رجلا يقطف أثمارا من بستان، فسألته عن عمر المدينة، فقال وقد رجع إلى عمله: «المدينة موجودة منذ الأزل، وستبقى إلى الأبد.»
ثم بعد خمسمائة سنة مررت ثانية بالمكان عينه، فلم أجد للمدينة أثرا، بل وجدت راعيا منفردا يعزف على مزماره، والقطيع يرعى النبات والشجر، فسألته: من عهد كم اختفت المدينة؟ فقال وقد عاد إلى النفخ في قصبته: «هذا ينبت متى يبس ذاك وهذا المكان مرعى منذ القديم.»
ثم بعد خمسمائة سنة مررت ثالثة بنفس المكان، فوجدت بحرا متلاطم الأمواج، وعلى شاطئه صياد يلقي شبكته، فسألته وكان قد وقف ليستريح: من عهد كم البحر هنا؟ فقال وقد ضحك من سؤالي: «من عهد وجود الأمواج المزبدة، اصطاد الناس ويصطادون في هذا المرفأ.»
ثم بعد خمسمائة سنة مررت رابعة بالمكان عينه، فوجدت غابة ورجلا يقطع شجرة فيها فسألته عن عمر هذه الغابة، فقال: «الغابة مسكن أزلي ومنذ زمان أقطن فيها، وهذه الأشجار ستنبت هنا إلى الأبد.»
ثم بعد خمسمائة سنة مررت خامسة بهذا المكان، فوجدت مدينة زاهرة تتزاحم فيها الأقدام، فسألت عن عهد بنائها، وأين الغابة والبحر، وقصة الراعي، فقيل لي ولم يعبأ بقولي: «الحال هنا لم تتغير منذ القديم، وستبقى كذلك إلى الأبد .»
Page inconnue