Explication de Bukhnir sur la doctrine de Darwin
شرح بخنر على مذهب دارون
Genres
كانت في الدور الأول بالغة في النمو، ومتنوعة جدا في الصور خلافا لليوم، فإنه لم يبق من هاتين الطائفتين إلا الشيء القليل المعروف. ويلتقي أيضا في هذه الأدوار القديمة صور نامية جدا وبالغة في التكوين، مثل «ليس» البحر الموجود في المتكونات الأولية والثلاثية للأرض، فإن صدفته مؤلفة من ثلاثين ألف قطعة متميزة، موضوعة أحسن وضع لموافقة سائر احتياجاته. وليس ذلك خاصا بالحيوانات الرخوة، بل يوجد في سائر طوائف الحيوان؛ فإن تكوين بعض حشرات الدور الثاني أكمل منه في أمثالها اليوم كالتمساح مثلا. وكان للحشرات أنواع تفوق حد الحصر، وبعضها كان يبلغ كبرا هائلا، ولم تقل إلا بعد حين؛ لمنازعة ما كان من ذوات الفقرات أكمل منها لها. وكانت الطيور وذوات الثدي في الدور الثلاثي تبلغ نموا كبيرا جدا هي في الحاضر دونه، وقد ذكرت فيما تقدم تقهقر بعض الأنواع كالديدان البطنية والحيوانات الحلمية ... إلخ.
ومن الأمثلة الدالة على تقهقر بعض الصفوف يذكرون الحيات مثالا لصف الحشرات، والطيور الكبيرة والإوز الدهني بسبب ضمار جناحيه مثالا لصف الطيور، ثم الحيتان لصف ذوات الثدي ... إلخ.
ويدفعون الارتقاء في التاريخ بنفس الحجج أيضا قالوا:
أولا:
إن بعض الشعوب لا يزالون حتى الآن كما كانوا في الأصل؛ أي لا يزالون على عادات الإنسان السابق العهد التاريخي المعاصر للمموث، ولدب الكهوف، وللأيل العظيم، ولوحيد القرن الأول. ومنهم حتى يحارب حتى اليوم بأسلحة من الحجر وله آلات مصطنعة من الحجر، ويسكن أكواخا من ورق الشجر أو ما شاكل، ويعيش كالحيوان وهو واقف لا يتقدم لا جسديا ولا عقليا.
ثانيا:
إن بعض الشعوب يقف بعد أن يبلغ درجة معلومة من التمدن ساكنا زمانا طويلا، ربما كان ألف سنة مثال ذلك الصينيون.
ثالثا وأخيرا:
إن بعض الشعوب بعد أن بلغ ذرا المجد والتمدن انحط إلى حضيض الجهل والغباوة: قابل العصور القديمة الزاهية لليونان والرومان بما عقبها من العصور التي انحطت فيها العلوم والصنائع عندهم، وقابل عصر بريكلس بالعصور المظلمة بعده، وافتكر بما كانت عليه بلاد مصر والعجم والهند وآسيا الوسطى وأفريقيا الرومانية واليونان وإيطاليا وإسبانيا ومكسيكا ... إلخ، وبابل ونينوى وأكبتان وبرسبوليس ورومة وغيرها، ثم افتكر بما لحق بها من السقوط. واعلم أن الاكتشافات الجديدة ترينا التمدن في الماضي أبعد فأبعد يوما عن يوم كما في بلاد مصر.
ولقد تقهقرنا كذلك في أمور عديدة عقليا وأدبيا: قابل سياسة اليونان والرومان الناضجة المستقلة بسياستنا العجزاء المذبذبة، والفلسفة الحرة قبل عهد المسيح بما آلت إليه بعده؛ إذ صارت خادمة لعلم اللاهوت. أو قابل كذلك الفضائل النبيلة للجمهوريات القديمة بحب الملاذ الدنيئة، والأميال الذاتية، وحب المكسب حلالا كان أم حراما، التي هي صفات بالغة في هيئتنا السياسية والاجتماعية. واعتبر أيضا أن ارتقاء ما نسميه الحق لم يفد بعد أكثر من ألف سنة، إلا لتنصيب القوة الوحشية والقساوة البربرية على تخت أعظم الأمم تمدنا.
Page inconnue