Explication de Bukhnir sur la doctrine de Darwin
شرح بخنر على مذهب دارون
Genres
لا يليق بالفيلسوف أن يحمر خجلا كما فعل بلينوس من حقارة أصلنا؛ لأن ما يظهر لنا أنه حقير هو بالحقيقة أجل شيء، وقد صرفت الطبيعة فيه أعظم صناعة. حتى لو كان الإنسان من أصل أدنى أيضا، لما اقتضى أن ينحط عن كونه أشرف الكائنات.
11
المقالة الرابعة
نفحص في هذه المقالة مذهب دارون بالنظر إلى مذهب التقدم ونواميسه في الطبيعة والتاريخ.
تقدم فيما مر أن الارتقاء في التحول نتيجة غالبة لا لازمة، وقد ذكرت شاهدا على ذلك الأصول الباقية على حالها للحيوانات البحرية الدنيا، فإنها لم تستفد شيئا بالانتخاب الطبيعي، أو استفادت شيئا لا يذكر؛ لشدة بساطة تركيبها، ولاستواء أحوال الأشياء التي من خارج المحيطة بها. وذكرت أيضا بعض أمثلة تدل على تقهقر بعض الأحياء، وقلت: إن الانتخاب الطبيعي قد تكون نتيجته في بعض الأحوال تقهقرا لا تقدما. وفي وسعي أن أضيف إلى ذلك أيضا بعض طوائف من الحيوانات الدنيا خاصة، كانت في الأصل أعلى تركيبا، وأكثر اختلافا منها اليوم.
فبناء على ذلك وعلى أمور أخرى، قد أنكر بعض العلماء الارتقاء في الأحياء، ومنهم قوم من مذهب دارون، وليل مع كونه من مذهب الارتقاء مرتاب في مسائل كثيرة، وخصومه مع اضطرارهم للإقرار بارتقاء بعض الطوائف والأجناس، يزعمون أن ذلك لا يدل دلالة صريحة على أن الارتقاء مطرد في سائر الأحوال.
فالعلماء، ولا سيما علماء الإنكليز الذين بحثوا كثيرا في هذه المسألة، منقسمون إلى قسمين: أصحاب مذهب التحول، وأصحاب مذهب الارتقاء. فمن القسم الأول من ينكر الارتقاء، ومن القسم الثاني من ينكر التحول. ومثل هذا الاختلاف حصل بين العلماء في ألمانيا أيضا، وقد اشتد بينهم الخصام، ولا سيما على مذهب جيولوجي وضعه أولا الأستاذ بيشوف من «بون». فأصحاب هذا المذهب ينكرون كل ارتقاء في العالم العضوي، ولا يستغربون وجود آثار بشرية في الصخور السيلورية والدفونية؛ أي في باطن الطبقات المشهورة أنها أقدم المتكونات الأرضية، وذلك موافق لرأيهم في تكوين الأرض؛ إذ يعتقدون أن الأرض لم تتغير في أحوالها منذ الأزل، فلم تتغير في موجوداتها، وكل دور من أدوارها عود على بدء. على أن الجيولوجيا لا تستطيع فصل المسألة وحدها، بل يلزم في ذلك اعتبار البالنتوجيا والتشريح، والفيزيولوجيا والأمبريولوجيا أيضا، فلا يصح الحكم إلا بعد اتفاق سائر هذه العلوم.
ومن زعماء هذا الرأي أطوفولجر ظهر أولا بكتاب سماه «الأرض والأزل» (سنة 1857)، ثم برسالة تلاها على مجمع الطبيعيين في ستيبين (سنة 1863). فهو يرى أن المذهب القديم المعول عليه حتى اليوم؛ أي «العالم الأول للأسماك»، و«العالم الثاني للجرذان»، و«العالم الثالث لذوات الثدي وللطيور»، و«العالم الرابع للإنسان» تنقضه الاكتشافات الحديثة، وأن أصل طوائف الحيوان المختلفة أبعد كثيرا مما يظن، فإنه تعلم الآن ذوات ثدي وطيور من الدور الثاني، وجرذان من الطبقة الكلسية الصدفية حتى في الشيست
1
النحاسي، وفي أنتراسيت
Page inconnue