واحد ، فصار ذلك كالإثبات ، فإنه في أصل اللغة عبارة عن الإيجاب ، يقال أثبت لهم في القرطاس ، أي أوجدته فيه. ثم يستعمل في الخبر عن وجود الشيء ، فيقال إن فلانا يثبت الأعراض أي يخبر عن وجودها. لما لم يكن الخبر عنها صدقا إلا وهي موجودة.
** التوحيد في اصطلاح المتكلمين :
فأما في اصطلاح المتكلمين ، فهو العلم بأن الله تعالى واحد لا يشاركه غيره فيما يستحق من الصفات نفيا وإثباتا على الحد الذي يستحقه والإقرار به. ولا بد من اعتبار هذين الشرطين : العلم ، والإقرار جميعا. لأنه لو علم ولم يقر ، أو أقر ولم يعلم ، لم يكن موحدا.
** علوم التوحيد وما يلزم المكلف منها :
وأما علوم التوحيد ، فلا مزيد على ما أورده في الكتاب. غير أنا نورده على هذا ليكون أسهل للحفظ ، وأقرب إلى الضبط ، فنقول :
ما يلزم المكلف معرفته من علوم التوحيد هو ، أن يعلم القديم تعالى بما يستحق من الصفات ، ثم يعلم كيفية استحقاقه لها ، ويعلم ما يجب له في كل وقت ، وما يستحيل عليه من الصفات في كل وقت ، وما يستحقه في وقت دون وقت ، ثم يعلم أن من هذا حاله ، لا بد من أن يكون واحدا لا ثاني له يشاركه فيما يستحقه من الصفات نفيا وإثباتا على الحد الذي يستحقه.
** ما يستحقه من الصفات :
أما ما يستحقه من الصفات فهو الصفة التي بها يخالف مخالفة ويوافق موافقة لو كان له موافق تعالى عن ذلك ، وكونه قادرا ، عالما ، حيا ، سميعا ، بصيرا ، مدركا للمدركات ، موجودا ، مريدا ، كارها. هذا عند أبي هاشم. وأما أبو علي ، فإنه لا يثبت تلك الصفة الذاتية.
فأما كيفية استحقاقه لهذه الصفات ، فاعلم : أن تلك الصفة التي يقع بها الخلاف والوفاق يستحقها لذاته ، وهذه الصفات الأربع التي هي كونه قادرا عالما حيا موجودا لما هو عليه في ذاته ، وكونه مدركا لكونه حيا بشرط وجود المدرك ، وكونه مريدا وكارها بالإرادة والكراهة المحدثتين الموجودتين لا في محل.
Page 80