Sharh Siyar Kabir
شرح السير الكبير
Maison d'édition
الشركة الشرقية للإعلانات
Année de publication
1390 AH
Genres
Fiqh hanafite
فَوَاَللَّهِ لَيَوْمٌ يَعْمَلُهُ أَحَدُكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَلْفِ يَوْمٍ يَعْمَلُهُ فِي بَيْتِهِ صَائِمًا قَائِمًا لَا يُفْطِرُ وَلَا يَفْتُرُ.
وَمَعْنَى قَوْلِهِ: " قَامَ فِي أَهْلِ الْمَدِينَةِ " يَعْنِي قَامَ خَطِيبًا، وَهَذِهِ أَيْضًا كَانَتْ خُطْبَةَ اسْتِنْفَارٍ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ كَمَا فَعَلَ عُمَرُ ﵁ بِأَهْلِ مَكَّةَ.
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا بَأْسَ لِلْمَرْءِ أَنْ يَحْلِفَ صَادِقًا بِاَللَّهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَاجَةٌ إلَى ذَلِكَ، فَإِنَّ عُثْمَانَ ﵁ حَلَفَ عَلَى مَا ذُكِرَ مِنْ الْوَعْدِ لِلْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَكَانَ مُسْتَغْنِيًا عَنْ ذَلِكَ. ثُمَّ عَيَّرَهُمْ عُثْمَانُ بِإِخْوَانِهِمْ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ وَمِصْرَ [وَالْعِرَاقِ]، فَإِنَّهُمْ لَمْ يَتَقَاعَدُوا عَنْ الْجِهَادِ، تَحْرِيضًا لَهُمْ عَلَى الْجِهَادِ. وَمَعْنَى هَذَا التَّفْصِيلِ مَا بَيَّنَّا أَنَّ فِي الْجِهَادِ إعْزَازَ الدِّينِ وَقَهْرَ الْمُشْرِكِينَ وَدَفْعَ شَرِّهِمْ عَنْ الْمُسْلِمِينَ. وَذَلِكَ غَيْرُ ظَاهِرٍ فِي عَمَلِ مَنْ يُقِيمُ فِي أَهْلِهِ بِالْمَدِينَةِ.
١٠ - وَذَكَرَ بَعْدَ هَذَا طَاوُسٌ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إنَّ اللَّهَ تَعَالَى بَعَثَنِي بِالسَّيْفِ بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ، وَجَعَلَ رِزْقِي تَحْتَ رُمْحِي أَوْ ظِلِّ رُمْحِي، وَجَعَلَ الذُّلَّ وَالصَّغَارَ عَلَى مَنْ خَالَفَنِي، وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ» .
وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: «بَعَثَنِي بِالسَّيْفِ» أَيْ بَعَثَنِي بِالْقِتَالِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَا قَالَ ﵇: «أُمِرْت أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إلَّا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ»، وَلِأَنَّ الْقِتَالَ فِي حَقِّ غَيْرِهِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ لَمْ يَكُنْ مَأْمُورًا بِهِ وَخُصَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِذَلِكَ، وَصِفَتُهُ فِي التَّوْرَاةِ: نَبِيُّ الْمَلْحَمَةِ عَيْنَاهُ حَمْرَاوَانِ مِنْ شِدَّةِ الْقِتَالِ.
1 / 16