فيقول: تركت جماجم أصحاب الخارجي في النقا، وقد فترقت أجسادهم، بعد أن أوقعت بها من الضرب ما هشمها، ودقق أجزاءها، حتى التبست بالرمل، ولم تتحصل لناخلها، ولا انفصلت لمتأملها.
وأَنَبَتَّ مِنْهُم رَبِيعَ السَّبَاعِ ... فَأَثْنَتْ بإِحسَاِنكَ الشَّامِلِ
ثم قال: وأنبت من أجسادهم ربيع السباع، فأحصبت في لحومها، إخصاب السائمة في بيعها، فأَثنت بما عنها من فضلك، وشملها من إحسانك، وأجرى أكثر لفظ هذا البيت على الاستعارة.
وعُدْتَ إلى حَلبٍ ظاهرًا ... كَعَوْدِ الحُلِيَّ إلى العَاطلِ
ثم قال: وعدت إلى حلب مستقرك ظافرًا مستعليًا، فحليت بعد العطل بعودتك، وأنست بعد الوحشة بأوبتك.
وَمِثْلُ الذي دُسْتَهُ حَافِيًا ... يُؤَثّرُ في قَدَمِ النَاعل
دست الشيء: إذا وطئته
فيقول: ومثل الذي أدركته بعقوك، وتناولته بأيسر سعيك، يعجز عنه غيرك، وإن أجهد فيه نفسه، ويقصر عنه، أخذ له أهبته، وكنى بالحافي عن المسترسل، وبالناعل عن المتاهب، وحمل الكلام على الاستعارة.
1 / 214