فصل
وقوله: (إذا صعد المنبر جلس، ثم قام فخطب) فهو إحدى الروايتين عن مالك، وعنه رواية أخرى:: أنه إذا صعد المنبر خطب ولم يجلس، بخلاف الجمعة رواه عبد الملك عنه.
فوجه هذه الرواية هو أن الجلوس في الجمعة إنما يكون لأجل الأذان، وهذا المعنى معدوم في العيد؛ فلم يكن للجلوس معنى.
ووجه الرواية الأولى هو أن الجلوس هاهنا لمعنيين:
أحدهما: الاستراحة من تعب الصعود.
والآخر: وهو أحسن من هذا- ليأخذ الناس مجالسهم؛ لأن العبادة جارة بأن الناس يزدحمون ويكثر اجتماعهم إلى جهة المنبر؛ لاستماع الخطبة، فلو خطب وقت صعوده لفاتهم سماع بعض الخطبة، وهو القدر الذي يأتي به قبل أخذهم مواضعهم، فإذا جلس حتى يأخذوا أمكنتهم وتستوي لهم مواضعهم سمعوا جميع الخطبة، ولم يفتهم شيء منها.
وهذه الرواية أولى من الأولى.
والجواب عن ما ذكرناه.
هو أنه لا فائدة للجلوس إلا انتظار الأذان؛ لأن له فوائد سواه، وهو ما ذكرناه.
وعلى أنا لم نعتبر قياسا على الجمعة حتى إذا افترق المعنى في الموضعين بطل الاعتبار، وإنما اعتبرنا ذلك بالمعنى الذي بيناه، والله أعلم.
1 / 39