Explication de l'Épître Salutaire avec des Preuves Évidentes

Mansur Abd Allah d. 614 AH
154

Explication de l'Épître Salutaire avec des Preuves Évidentes

شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة

وقوله: (منا): يريد؛ تفضلا؛ لأن المن إذا أطلق أفاد التفضل؛

لأنه لا يمن على الأجير بأجرته، ولا على البائع بثمن مبيعه، إلى ما شاكل ذلك لغة ولا عرفا.

[بيان أن النبوة من من الله تعالى وتفضل وليست بجزاء على العمل]

وهذا ينفي أن يكون اختصه بذلك لشيء من فعله كما قالت اليهود وغيرها من فرق الكفر بأن الله -تعالى- لم ينزل عليه القرآن، حتى قالوا: {ما أنزل الله على بشر من شيء}[الأنعام:91]، فأكذبهم سبحانه بقوله: {من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا وهدى للناس}[الأنعام:91]، إلى غير ذلك من أدلة نزوله وأنه من عنده.

وكان من قولهم: إن الله -سبحانه- لم يمن عليه بذلك ولم يفضله به ابتداء على جميع خلقه، فقال سبحانه منبها لكل عاقل متأمل منهم ومن غيرهم بأنه المتولي لتفضيل بعض خلقه على بعض حتى الأنبياء -عليهم السلام- فقال، لا شريك له، مصرحا بما قلنا تصريحا: {ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض وآتينا داوود زبورا(55)}[الإسراء]، إلى غير ذلك من آيات الكتاب الكريم.

قالوا: وإنما كان ذلك له -عليه وآله السلام- بحيلته وحسن تدبيره حتى صار رئيسا مطاعا.

والكلام عليهم من طريق العقل: أن الحيلة لا تأثير لها في ظهور المعجزات، وخرق العادات، سيما وقد أكد ذلك سبحانه وأكد بهم بقوله له -عليه وآله السلام- مذكرا له نعمته عليه وآمرا له بذكرها ونشرها: {ألم يجدك يتيما فآوى(6)ووجدك ضالا فهدى(7)}[الضحى]، وضلاله -عليه وآله السلام- ها هنا قلة علمه بالشرائع والتكاليف الشرعية فهداه إليها ودله عليها، لا ما يقوله المبطلون ويتأوله الجاهلون، {ووجدك عائلا فأغنى(8)}[الضحى] المراد بذلك الزهد في الدنيا، والقنوع بالطفيف من الأشياء، وقد قيل أغناه بمال خديجة بنت خويلد (رضي الله عنها).

Page 192