التذكرة - على ما حكاه الأستاذ - طاب ثراه -: " لو وصل بين الغديرين بساقية اتحدا إن اعتدل الماء، وإلا ففي حق السافل فلو نقص الأعلى عن كر نجس بالملاقاة، ولو كان أحدهما نجسا فالأقرب بقاؤه على حكمه مع الاتصال وانتقاله إلى الطهارة مع الامتزاج ". وحمل الاتحاد في كلامه الشيخ الأستاذ - طاب ثراه - على الاتحاد في الحكم، لعدم تصور تحقق الاتحاد الموضوعي من أحد الطرفين دون الآخر كما هو صريح كلامه من ثبوته للسافل دون العالي.
أقول: بل يمكن دعوى صراحته في الاتحاد الحكمي من قوله: " ولو كان أحدهما نجسا فالأقرب بقاؤه على حكمه مع الاتصال وانتقاله إلى الطهارة مع الامتزاج " حيث إنه صرح بالتعدد من أول كلامه إلى آخره غير مرة. ولا يخفى على البصير عدم صحه شيء من الحكمين المذكورين بعد قبول الاثنينية، إذ لا يعقل الحكم بنجاسة أحد المتصلين مع علوه وطهارة الآخر النازل، مع تسليم عدم وحدتهما وكونهما متعددين متغايرين، وكون كل منهما أقل من الكر، إذ القليل الملاقي للنجس ينفعل بالملاقاة، وقد حكم هو بطهارة غير المتنجس ولو السافل وحكم بتطهيره بعد الامتزاج مع صاحبه، مع أن التطهير بالقليل أيضا غير معقول إلا بناء على تتميم النجس كرا.
ويمكن أن يوجه التفصيل حينئذ بأن العالي لقاهريته على السافل لا يمكن أن يستمد منه بخلاف السافل، فإنه يحصل له المدد من العالي القاهر عليه إلا أنه لا يجتمع هذا مع الحكم بطهارة السافل بعد الحكم بنجاسة العالي، لانفعاله - حينئذ - من جهة الاتصال بما حكم بنجاسته، سيما مع قاهرية التنجس على القليل المتصل به ولو لم يصدق اتحادهما، لأن الحكم بانفعال الماء القليل الملاقي لنجس لا يختص بصورة اتحاده معه، بل يأتيه من قبل الملاقاة الحاصلة من الاتصال، غاية الأمر ترتب الحكم بانفعال السافل على الحكم بنجاسة العالي، ولا ضير فيه.
فلا يتوقف الاعتراض على المفصل بما حكاه شيخنا - طاب ثراه - من أنه
Page 78