ويمكن دفعه بأنه (عليه السلام) لما لاحظ عمل أهل الأمصار في جميع الأقطار في الأزمنة المتطاولة على هذا التحديد، وعلم بوجود بعض مياه خفيفة في بعض الأصقاع بحيث لا يزيد حده المساحي عن حده الوزني بنفسه، أو مع ضم قصر الأشبار في آخر الزمان لصغر أبدانهم، فحده (عليه السلام) لعلمه الكامل الكامن فيه بحسب المساحة بما لا ينقص أبدا عن حده الوزني المعتبر فيه، الذي هو الأصل في التقديرات، بل إما أن يوافقه، أو يزيد عليه، حيث إن الزيادة غير مضرة كما تضر النقيصة، بل اللازم - على غير المشهور - من كل مقدر أن يفعل كذا، لأنه بعد أن فرضنا أن المعتبر في نظره في عصمة الماء هو بلوغه المقدار المخصوص من الوزن ورأى أن تحديده به وحده لا يترتب عليه غالبا الأثر المقصود منه فيفوت الغرض الذي هو رفع احتياج الناس، لعدم إمكان وصولهم إليه غالبا لا بد أن يحدده بحد يمكنهم الوصول إليه عند الحاجة لسهولة تحصيله، وهو هنا الحد المساحي.
فحينئذ لا علاج إلا من تحديد المساحة بما يوافق التحديد الوزني المعتبر في نظره، وهذا المعنى - على وجه - لا يتخلف في مورد من الموارد لما لم يمكن لاختلاف المياه ثقلا وخفة، واختلاف نوع أشخاص المحول إليهم أمر التقدير من أهل الأصقاع وأهل الأزمنة المتطاولة في الخلقة بالعظم والصغر، فلم يكن له مناص عن تحديده بما لا ينقص أبدا عن حده المعتبر الملحوظ في نظره في مورد من الموارد، لأنه مخل بالمقصود من عمل المعتصم مع غير المعتصم، فإنه مما يترتب عليه من المفاسد الكثيرة ما لا يترتب على عكسه.
وبهذا البيان ينفتح باب لتصحيح الأخبار المختلفة في تحديد المساحة نظرا إلى علمهم (عليهم السلام) بخصوصيات أشخاص الموجودات.
قوله (قدس سره): (والرطل العراقي مائة وثلاثون درهما، ثلثا المدني) هذا هو المشهور. والدليل عليه مكاتبة الهمداني عن أبي الحسن (عليه السلام): " إن الصاع ستة أرطال بالمدني، تسعة أرطال بالعراقي، ووزنه ألف ومائة وسبعون وزنة " (1)
Page 70