Commentaire sur le Nahj al-Balagha
شرح نهج البلاغة
Enquêteur
محمد عبد الكريم النمري
Maison d'édition
دار الكتب العلمية
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
1418 AH
Lieu d'édition
بيروت
ثم قال : ائتوا أبي بن كعب ، فقد علم كما علمت . قال : فانطلقنا إلى أبي ، فضربنا عليه بابه ، حتى صار خلف الباب ، فقال : من أنتم ؟ فكلمه المقداد ، فقال : ما حاجتكم ؟ فقال له : افتح عليك بابك ، فإن الأمر أعظم من أن يجرى من وراء حجاب ، قال : ما أنا بفاتح بابي ، وقد عرفت ما جئتم له ، كأنكم أردتم النظر في هذا العقد . فقلنا : نعم ، فقال : أفيكم حذيفة ؟ فقلنا : نعم ، قال : فالقول ما قال ، وبالله ما أفتح عني بابي حتى يجرى على ما هي جارية ، ولما يكون بعدها شر منها ، وإلى الله المشتكى ! قال : وبلغ الخبر أبا بكر وعمر ، فأرسلا إلى أبي عبيدة والمغيرة بن شعبة ، فسألاهما عن الرأي ، فقال المغيرة : أن تلقوا العباس فتجعلوا له في هذا الأمر نصيبا فيكون له ولعقبه ، فتقطعوا به من ناحية علي ، ويكون لكم حجة عند الناس على علي ، إذا مال معكم العباس . فانطلقوا حتى دخلوا على العباس في الليلة الثانية من وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم . ثم ذكر خطبة أبي بكر وكلام عمر وما أجابهما العباس به ، وقد ذكرناه فيما تقدم من هذا الكتاب في الجزء الأول .
وروى أبو بكر ، قال : أخبرنا أحمد بن إسحاق بن صالح ، قال : حدثنا عبد الله بن عمر ، عن حماد بن زيد ، عن يحيى بن سعيد ، عن القاسم بن محمد ، قال : لما توفي النبي صلى الله عليه وسلم اجتمعت الأنصار إلى سعد بن عبادة ، فأتاهم أبو بكر وعمر وأبو عبيدة ، فقال الحباب بن المنذر : منا أمير ومنكم أمير ، إنا والله ما ننفس هذا الأمر عليكم أيها الرهط ؛ ولكنا نخاف أن يليه بعدكم من قتلنا أبناءهم وآباءهم وإخوانهم ، فقال عمر بن الخطاب : إذا كان ذلك قمت قمت إن استطعت . فتكلم أبو بكر فقال : نحن الأمراء وأنتم الوزراء ، والأمر بيننا نصفان كشق الأبلمة . فبويع ، وكان أول من بايعه بشير بن سعد والد النعمان بن بشير .
فلما اجتمع لالناس على أبي بكر ، قسم قسما بين نساء المهاجرين والأنصار ، فبعث إلى امرأة من بني عدي بن النجار قسمها مع زيد بن ثابت ، فقالت : ما هذا ؟ قال : قسم قسمه أبو بكر للنساء ، قالت : أتراشونني عن ديني ! والله لا أقبل منه شيئا فردته عليه .
قلت : قرأت هذا الخبر على أبي جعفر يحيى بن محمد العلوي الحسيني المعروف بابن أبي زيد نقيب البصرة رحمه الله تعالى في سنة عشر وستمائة من كتاب السقيفة لأحمد بن عبد العزيز الجوهري ، قال : لقد صدقت فراسة الحباب ، فإن الذي خافه وقع يوم الحرة وأخذ من الأنصار ثأر المشركين يوم بدر . ثم قال لي رحمه الله تعالى : ومن هذا خاف أيضا رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذريته وأهله ، فإنه كان عليه السلام قد وتر الناس ، وعلم أنه إن مات وترك ابنته وولدها سوقة ورعية تحت أيدي الولاة ، كانوا بعرض خطر عظيم ، فما زال يقرر لابن عمه قاعدة الأمر بعده ، حفظا لدمه ودماء أهل بيته ، فإنهم إذا كانوا ولاة الأمر كانت دماؤهم أقرب إلى الصيانة والعصمة مما إذا كانوا سوقة تحت يد وال من غيرهم ، فلم يساعده القضاء والقدر ، وكان من الأمر ما كان . ثم أفضى أمر ذريته فيما بعد إلى ما قد علمت .
Page 33