Commentaire abrégé du jardin
شرح مختصر الروضة
Chercheur
عبد الله بن عبد المحسن التركي
Maison d'édition
مؤسسة الرسالة
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤٠٧ هـ / ١٩٨٧ م
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فَلِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ فِي غَيْرِهِ عَدَمُ الْإِدْرَاكِ، بِحَيْثُ لَوْ خُوطِبَ أَحَدُهُمْ بِخِطَابِ الشَّرْعِ لَمْ يَفْهَمْ، وَالْمُرَادُ بِهِ فِي النَّاسِي، انْقِطَاعُ اتِّصَالِ ذِكْرِهِ لِلتَّكْلِيفِ فَقَطْ، بِحَيْثُ لَوْ سَهَا عَنِ الصَّلَاةِ، فَقِيلَ لَهُ: صَلِّ، أَوْ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَنَحْوُهُ، سَمِعَ وَفَهِمَ وَتَذَكَّرَ، وَهَذَا هُوَ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ بَيْنَ الْمُسْقِطَاتِ لِلتَّكْلِيفِ، وَهُوَ الْكَافِي مِنْهَا، وَذَلِكَ لِأَنَّ شَرْطَ تَوْجِيهِ التَّكْلِيفِ، ذِكْرُ الْإِنْسَانِ كَوْنَهُ مُكَلَّفًا.
وَشَرْطُ الشَّيْءِ، يَجِبُ دَوَامُهُ وَاتِّصَالُهُ، كَاسْتِصْحَابِ حُكْمِ النِّيَّةِ فِي الْوُضُوءِ وَنَحْوِهِ، فَمَتَى انْقَطَعَ اتِّصَالُهُ فِي وَقْتٍ مِنَ الْأَوْقَاتِ، زَالَ التَّكْلِيفُ لِزَوَالِ شَرْطِهِ، كَمَا لَوِ انْقَطَعَتْ نِيَّةُ الْوُضُوءِ أَوِ الصَّلَاةِ أَوِ الصَّوْمِ فِي أَثْنَائِهَا، أَوْ زَالَ قَبْضُ الْمُرْتَهِنِ لِلرَّهْنِ فِي وَقْتٍ مَا، زَالَ لُزُومُهُ الَّذِي الْقَبْضُ شَرْطٌ لَهُ. فَهَذَا هُوَ التَّحْقِيقُ فِي هَذَا الْمَقَامِ.
أَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ: هَؤُلَاءِ لَا يُكَلَّفُونَ، لِأَنَّهُمْ لَا يَفْهَمُونَ، فَهُوَ مُلَاحَظَةٌ لِأَمْرٍ تَقْدِيرِيٍّ، وَهُوَ أَنَّ خِطَابَ الشَّارِعِ فِي تَقْدِيرِ التَّجَدُّدِ عِنْدَ بُلُوغِ كُلِّ مُكَلَّفٍ، وَعِنْدَ تَكْلِيفِهِ بِكُلِّ حُكْمٍ شَرْعِيٍّ، لِأَنَّ أَسْبَابَ الْأَحْكَامِ الْمُتَكَرِّرَةِ هِيَ قَائِمَةٌ مَقَامَ الْخِطَابِ بِمُسَبَّبَاتِهَا، عَلَى مَا أَشَرْنَا إِلَيْهِ فِي خِطَابِ الْوَضْعِ، وَسَنُقَرِّرُهُ هُنَاكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
فَالْمُكَلَّفُ كُلَّ يَوْمٍ، هُوَ مُخَاطَبٌ فِي التَّقْدِيرِ بِخَمْسِ صَلَوَاتٍ. عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ مِنْهَا بِخِطَابٍ مُقَدَّرٍ مُتَجَدِّدٍ، وَالْأُمُورُ التَّقْدِيرِيَّةُ كَثِيرَةٌ فِي الشَّرِيعَةِ، فَبِالنَّظَرِ إِلَى هَذَا التَّقْدِيرِ، قَالُوا: إِنَّ هَؤُلَاءِ لَا يَفْهَمُونَ الْخِطَابَ، أَيْ: لَوْ أَنَّ هَذَا الْخِطَابَ الْمُقَدَّرَ خُوطِبُوا بِهِ الْآنَ تَحْقِيقًا، لَمْ يَفْهَمُوهُ، إِلَّا النَّاسِيَ بِوَاسِطَةِ التَّذَكُّرِ كَمَا بَيَّنَّاهُ.
قَوْلُهُ: «وَمَا ثَبَتَ مِنْ أَحْكَامِهِمْ» يَعْنِي: أَحْكَامَ النَّائِمِ وَالنَّاسِي وَالسَّكْرَانِ، «كَغَرَامَةٍ، وَنُفُوذِ طَلَاقٍ، فَسَبَبِيٌّ» .
1 / 189