Commentaire abrégé du jardin
شرح مختصر الروضة
Chercheur
عبد الله بن عبد المحسن التركي
Maison d'édition
مؤسسة الرسالة
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤٠٧ هـ / ١٩٨٧ م
الثَّانِيَةُ: لَا تَكْلِيفَ عَلَى النَّائِمِ وَالنَّاسِي وَالسَّكْرَانِ الَّذِي لَا يَعْقِلُ، لِعَدَمِ الْفَهْمِ. وَمَا ثَبَتَ مِنْ أَحْكَامِهِمْ، كَغَرَامَةٍ، وَنُفُوذِ طَلَاقٍ، فَسَبَبِيٌّ، كَمَا سَبَقَ. فَأَمَّا ﴿لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى﴾ فَيَجِبُ تَأْوِيلُهُ، إِمَّا عَلَى مَعْنَى: لَا تَسْكَرُوا ثُمَّ تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ، أَوْ عَلَى مَنْ وُجِدَ مِنْهُ مَبَادِي النَّشَاطِ وَالطَّرَبِ وَلَمْ يَزُلْ عَقْلُهُ، جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ.
ــ
تَكْلِيفُ النَّائِمِ وَالنَّاسِي وَالسَّكْرَانِ:
قَوْلُهُ: «الثَّانِيَةُ»، أَيِ: الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ مِنْ مَسَائِلِ شُرُوطِ الْمُكَلَّفِ، «لَا تَكْلِيفَ عَلَى النَّائِمِ وَالنَّاسِي وَالسَّكْرَانِ الَّذِي لَا يَعْقِلُ، لِعَدَمِ الْفَهْمِ» يَعْنِي: لِعَدَمِ فَهْمِهِمْ لِلْخِطَابِ، كَالصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ بِجَامِعِ عَدَمِ الْفَهْمِ، وَإِنِ افْتَرَقُوا فِي بَعْضِ الْأَحْكَامِ، مِثْلُ أَنَّ الصَّبِيَّ وَالْمَجْنُونَ، لَا يَسْتَدْرِكَانِ مَا تَرَكَا مِنَ الْعِبَادَاتِ، بِخِلَافِ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ، فَإِنَّهُمْ يَقْضُونَ مَا فَاتَهُمْ مِنْهَا، لَسَبْقِ الْوُجُوبِ عَلَيْهِمْ.
تَنْبِيهٌ: عَدَمُ الْفَهْمِ فِي هَؤُلَاءِ الْجَمَاعَةِ مُخْتَلِفٌ، فَالصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ، لَا يُدْرِكَانِ مَعْنَى كَلَامِ الشَّرْعِ، أَمَّا الصَّبِيُّ فَبِالْأَصَالَةِ، لِأَنَّ عَقْلَهُ الَّذِي يَفْهَمُ ذَلِكَ بِهِ لَمْ يَكْمُلْ بِحَيْثُ يَقْوَى عَلَى الْإِدْرَاكِ، وَأَمَّا الْمَجْنُونُ، فَبِعَارِضٍ قَوِيٍّ قَهْرِيٍّ، وَهُوَ الْجُنُونُ، وَكَذَلِكَ السَّكْرَانُ، عَدَمُ فَهْمِهِ لِعَارِضٍ، لَكِنَّهُ اخْتِيَارِيٌّ، فَلِذَلِكَ اخْتُلِفَ فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا، هَلْ هُوَ كَالصَّاحِي أَوْ كَالْمَجْنُونِ؟ وَالنَّائِمُ، عَدَمُ فَهْمِهِ لِعَارِضٍ طَبِيعِيٍّ، وَهُوَ النَّوْمُ، أَمَّا النَّاسِي، فَيُخَالِفُ هَؤُلَاءِ كُلَّهُمْ فِي السَّبَبِ وَالْمُسَبَّبِ، أَمَّا السَّبَبُ، فَلِأَنَّ سَبَبَ عَدَمِ فَهْمِهِ عَارِضٌ ضَرُورِيٌّ خَفِيفٌ أَخَفُّ مِنْ جَمِيعِ الْأَسْبَابِ، لِأَنَّهُ يُذَكَّرُ بِكَلِمَةٍ، فَيَذَّكَّرُ، بِخِلَافِ النَّائِمِ وَالسَّكْرَانِ. وَأَمَّا فِي الْمُسَبَّبِ - وَهُوَ عَدَمُ الْفَهْمِ -
1 / 188