واقتضى هذا -بطبيعة الحال- أن تكون تحت بصري، وبين يدي نسخ من مؤلفات الشيخ -وقد كانت في الغالب حينذاك مخطوطات- فسعيت إليها في مواقعها أنسخ منها بقلمي صورًا أحتفظ بها، وأقلب النظر بين صفحاتها من وقت لآخر.
وكلما مرت الليالي زادتني من ابن مالك قربًا، ولمصنفاته حبًا، فعقدت العزم على الإسهام في إحياء تراثه بالقدر الذي أستطيع.
فبدأت بمقدمته "عمدة الحافظ وعدة اللافظ" وشرحها فنشرتهما محققين (١).
وهأنذا أواصل المسيرة بتحقيق أرجوزته "الكافية الشافية" وشرحها.
والحق أن "الكافية الشافية" أرجوزة سهلة ميسرة، قل أن تسمح بمثلها القرائح، أو تطمح إلى النسخ على منوالها المطامح، فقد جمع فيها ناظمها مسائل النحو والصرف، وبسطها، ورتب الأبواب، وضبطها فغدت كما قال:
. . . . . . . . . . . مستوفية ... عن أكثر المصنفات مغنية
تكون للمبتدئين تبصرة ... وتظفر الذي انتهى بالتذكرة
أما شرحها، فقد التزم فيه المصنف ﵀ منهجًا ارتضاه لنفسه، وأعلنه في المقدمة حين قال:
"سألني بعض الألباء، المعتنين بحقائق الأنباء أن أتلو "الكافية الشافية" بشرح تخف معه المئونة، وتحف به المعونة، ويكون به الغناء مضمونًا، والعناء مأمونًا. فأجبت دعوته".
_________
(١) دار الفكر العربي بالقاهرة.
1 / 6