Sharh Hisn al-Muslim
شرح حصن المسلم من أذكار الكتاب والسنة
Maison d'édition
مطبعة سفير
Lieu d'édition
الرياض
Genres
سبحانه: ﴿ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً﴾ (١).
قال الحسن ﵀: «كان المسلمون يجتهدون في الدعاء، ولا يُسمع لهم صوت، إن كان إلا همسًا فيما بينهم وبين ربهم».
[٨] ومن آدابه: إذا سألت الله تعالى في شيء فالزم التضرع والاستكانة، واعزل نفسك عن القدرة والتعاظم، ألا ترى إلى قول يعقوب ﵇: ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ﴾ (٢) فتم له ما أراد، وقال يوسف ﵇: ﴿قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ * فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ (٣)، أي: سميع الدعاء؛ فتم له أمره حين اعترف بالافتقار، وأخرج نفسه من الحول والقوة، وفوض الأمر إلى ربه ﷾.
[٩] ومن آدابه: أن يكون الذاكر على أكمل الصفات، فإن كان جالسًا في موضع استقبل القبلة وجلس متذللًا متخشعًا بسكينة ووقار مطرقًا رأسه، ولو ذكر على غير هذه الأحوال جاز ولا كراهة في حقه، لكن إن كان بغير عذر كان تاركًا للأفضل؛ والدليل على عدم الكراهة قول الله تعالى: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ
_________
(١) سورة الأعراف، الآية: ٥٥.
(٢) سورة يوسف، الآية: ٦٧.
(٣) سورة يوسف، الآيتان: ٣٣، ٣٤.
1 / 26